السؤال
كثيرا أقول: إني عاهدت الله -سبحانه وتعالى- أن لا أفعل شيئا، ولكني سرعان ما أعود إليه.
وقد علمت أنه نقض للعهد مع الله، ويلزم كفارة يمين، ولكني سبق أن قلتها كثيرا، أي: عاهدت الله أن لا أكذب، وأن لا أغتاب، وأن لا أحادث الأجانب، والكثير غير ذلك، حتى أني لا أذكره، ولكني أعود وأفعل ذلك جميعا، علما بأني لم أكن أدري أن معناها كالنذر! اعتقدت أنه من التوبة، والعزم على عدم الرجوع للذنب.
فهل عليّ كفارة يمين لكل ما سبق؟ وكيف ستكون وأنا لا أتذكر عدد تلك المرات؟
أرجو التوضيح لأني لم أعتقد أن الأمر بهذه الخطورة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان حكم عهد الله، وأقوال العلماء فيه، وذلك في الفتوى رقم: 29746.
ولا شك أن من عاهد الله عهدًا، وجب عليه الوفاء به، لا سيما إن كان ذلك في ترك الحرام؛ قال تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {النحل:91}، وقال -عز وجل-: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا {الإسراء:34}.
فإن فعل ما عاهد الله على ألا يفعله، فقد نقض العهد الذي بينه وبين الله، والواجب عليه في ذلك هو التوبة، وتلزمه مع التوبة كفارة يمين عند جمع من أهل العلم إن تلفظ بالعهد، كما قال ابن قدامة في الشرح الكبير: وإذا قال: عليَّ عهد الله وميثاقه لأفعلن، أو قال: وعهد الله وميثاقه لا أفعل، فهو يمين. اهـ.
وعلى هذا القول؛ فإن كان ما صدر منكِ سابقًا من عهود تمت بصيغة صحيحة بأن أضيف العهد فيها إلى الله تعالى، وكان بكلام معتبر شرعًا، وليس مجرد حديث نفس، وتم الحنث، فقد لزمتكِ كفارة يمين عن كل عهد لم تف به، على التفصيل الذي ذكرناه في الفتوى رقم: 200471. فعليك أن تراجعيها، وتجتهدي في تقدير ما يلزمك من كفارات بالعدد الذي يغلب على ظنك أنه مبرئ لذمتك، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
وأما إن كان العهد مجرد حديث نفس لم تتلفظ به: فليس عليكِ شيء، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم. رواه البخاري، ومسلم.
وكذا إذا كان العهد لم يضف إلى الله تعالى، كأن تقولين: ( عهد عليّ ) أو ما شابه، وانظر الفتويين: 207811، 197533.
والله أعلم.