السؤال
هل يحتج بأحاديث الآحاد في التشريعات؟ وإذا كان هناك أمر تشريعي فلماذا يقوله النبي صلي الله عليه وسلم لواحد أو اثنين من الصحابة ولا يقوله مثلا من على المنبر في خطبة ليعلمه الجميع ويصبح متواترا أيضا؟ وهل وصلت إلينا جميع خطب النبي صلي الله عليه وسلم؟ وأين هي؟.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحديث الآحاد حجة يجب العمل بها، وتثبت بها الأحكام الشرعية، وراجع في بيان ذلك الفتويين رقم: 8406، ورقم: 6906.
ولذلك لم يتوقف بيان النبي صلى الله عليه وسلم لأمور الديانة على توفر العدد الذي يحصل به النقل المتواتر، وكذلك كان الحال في من يبعثهم صلى الله عليه وسلم ليبلغوا عنه من وراءهم من قبائلهم، أو من يبعثهم من أصحابه لمن دخل في الإسلام من أهل البلاد البعيدة ليعلموهم أمر دينهم! ومن أدرك كثرة الأحكام الشرعية، وسعتها لكل مناحي الحياة علم أن جمع العدد المتواتر لبيان كل حكم شرعي أمر شاق، بل متعذر، وكذلك قصر هذا البيان على الخطب، ولاسميا مع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في عدم الإطالة في الخطبة، قال جابر بن سمرة: كنت أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت صلاته قصدا، وخطبته قصدا. رواه مسلم.
وقال أبو وائل: خطبنا عمار فأوجز وأبلغ، فلما نزل قلنا: يا أبا اليقظان لقد أبلغت وأوجزت فلو كنت تنفست ـ أي أطلت؟ فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة، وإن من البيان سحرا. رواه مسلم.
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل خطبته للموعظة وما يتعلق بحقائق الإيمان، وجوامع الأمور والقواعد الكلية، قال ابن القيم في زاد المعاد: كان مدار خطبه على حمد الله والثناء عليه بآلائه وأوصاف كماله ومحامده، وتعليم قواعد الإسلام، وذكر الجنة والنار والمعاد، والأمر بتقوى الله، وتبيين موارد غضبه ومواقع رضاه، فعلى هذا كان مدار خطبه... وكان يخطب في كل وقت بما تقتضيه حاجة المخاطبين ومصلحتهم. اهـ.
وراجع في هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة، الفتويين رقم: 74000، ورقم: 188151.
وأما وصول خطبه صلى الله عليه وسلم إلينا: فقد روي منها جانب ليس بالقليل، ذكرنا بعض مظانه في الفتوى رقم: 171685.
والله أعلم.