السؤال
هنالك مسألة استشكلت علي، فأردت طرحها على فضيلتكم لثقتي بعلمكم وحسن معتقدكم.
ما هو الضابط في اعتبار ما نسبه الله لنفسه أنه من صفات الذات أو ليس من صفات الذات؟
فمثلا كما قرأت اعتبر العلماء أن قول الله تعالى: "يد الله فوق أيديهم". اعتبر العلماء أن في هذه الآية إثبات صفة اليد لله تعالى، وأنها من صفات الذات.
ولكن الله تعالى قال: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا". فهنا كما هو سياق الآية فإن الله تعالى نسب ذلك الحبل له، فهل يكون هذا الحبل من صفات الذات، لا شك أنه ليس كذلك، مع العلم أن الله تعالى ينسبه لنفسه كما نسب لنفسه صفة الوجه وصفة اليد وصفة الجنب.
هل لأن هذه الصفات موجودة لدى الإنسان؟ فإن كان هذا هو الضابط فيعني أننا نشبه الله بالإنسان (تعالى الله).
وإن كان الضابط هو حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "فإن الله خلق آدم على صورة الرحمن" فإني قرأت أن الشيخ الألباني رحمه الله قد ضعفه، وإن كان الضابط هو حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "فإن الله خلق آدم على صورته" فهنا كما لا يخفى على فضيلتكم فإن من العلماء من تأول معنى (على صورته) أي على هيئته التي خلق عليها، وإذا دخل الاحتمال لم يعد الدليل قطعي الدلالة.
وهنالك أمثلة أكثر وضوحا كقول الله تعالى: "فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين". فقد قرأت في كتاب الروح لابن القيم رحمه الله أن الروح المذكورة في الآية مخلوقة والنسبة لله تعالى كنسبة الأرض له كما في قوله: "ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها". وغير ذلك من الأمثلة.
وأنا أسأل عن هذا الأمر لأنه استشكل علي، وقد قرأت على موقعكم الكريم أن الإيمان بصفات الله لا ينفع فيه مذهب أهل التجهيل أو التفويض، وقرأت لابن عثيمين رحمه الله فيما معناه: أنه لا يجوز للمسلم أن يعرض بقلبه عن معنى هذه الصفات.
والسؤال أيضا بخصوص ذلك: هل يجوز لمن لم يتبين له الحق في الخلاف في هذه المسائل مع اجتهاده في تحري الحق أن يفوض معاني هذه الآيات لله ويقول: "أؤمن بما ورد في كتاب الله على مراد الله، مع أني لم أعلم حقيقة مراده".