السؤال
تقولون إن مشاهدة الأفلام الإباحية من الكبائر، ولكن كيف ذلك ومقدمات الزنا واللواطة من الصغائر؟
أرجو الإجابة وعدم التشدد في الجواب.
تقولون إن مشاهدة الأفلام الإباحية من الكبائر، ولكن كيف ذلك ومقدمات الزنا واللواطة من الصغائر؟
أرجو الإجابة وعدم التشدد في الجواب.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يوفقك، وأن يشرح صدرك للهدى، واعلم -أخانا- أنا نتحرى فيما نفتي به ما يظهر لنا أنه أقرب إلى الكتاب والسنة، وليست إجاباتنا طبقًا لرغبات السائلين، فطلبك منا عدم التشديد في الإجابة لا طائل منه؛ لأن الإجابة ليست حقًّا لنا نجريها على أهوائنا، وإنما نجيب بما نراه أقرب إلى مراد الله -جل وعلا-.
وبخصوص ما سألت عنه: فإن الذي أفتينا به في بعض الفتاوى أن مشاهدة الأفلام الخليعة كبيرة بناء على قول بعض العلماء كالهيتمي من أن النظر بشهوة مع خوف فتنة من الكبائر -وهذا جار في مشاهدة الأفلام الإباحية-؛ قال الهيتمي في الزواجر: نظر الأجنبية بشهوة مع خوف فتنة، ولمسها كذلك، وكذا الخلوة بها بأن لم يكن معهما محرم لأحدهما يحتشمه، ولو امرأة كذلك ولا زوج لتلك الأجنبية. ثم قال: عد هذه الثلاثة من الكبائر هو ما جرى عليه غير واحد، لكن الذي جرى عليه الشيخان وغيرهما أن مقدمات الزنا ليست كبائر، ويمكن الجمع بحمل هذا على ما إذا انتفت الشهوة، وخوف الفتنة، والأول على ما إذا وجدتا، فمن ثم قيدت بهما الأول حتى يكون له نوع اتجاه، وأما إطلاق الكبيرة ولو مع انتفاء ذينك فبعيد جدًّا. اهـ بتصرف.
ومن كلامه يظهر أن النظر شأنه شأن مقدمات الزنا -كاللمس وغيره- كلها من الصغائر في الأصل، وتكون من الكبائر إذا اقترن معها خوف الفتنة.
والأمر الثاني: أن الإصرار على الصغيرة يصيرها من الكبائر، كما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وتتابع العلماء على تقريره.
ويحتمل أن يضاف أمر آخر: وهو أن الأفلام الإباحية عامتها لمحرمات من كبائر الذنوب كالزنا واللواط وغيرها، ومشاهدتها قد يكون فيه إقرار لتلك المحرمات، كما قال البجيرمي الشافعي في حاشيته على شرح الخطيب: وما هو حرام في نفسه يحرم التفرج عليه؛ لأنه رضا به، كما قاله ابن قاسم على المنهج. اهـ.
وجاء في حاشية الشرواني على تحفة المحتاج: قال الحلبي: وكل ما حرم، حرم التفرج عليه؛ لأنه إعانة على المعصية. اهـ.
ومن الكبائر كذلك عند الهيتمي: الرضا بالكبيرة والإعانة عليها، فقد قال في كتابه الزواجر: (الكبيرة الثانية والثالثة والستون: الرضا بكبيرة من الكبائر أو الإعانة عليها بأي نوع كان).
ومهما يكن من أمر؛ فإن خطر مشاهدة الأفلام الخليعة على دين العبد لا مجال للجدال فيه، ولو قيل بأنه ليس من الكبائر فلا يقتضي ذلك تهوينه وعدم المبالاة به، بل إن من الموجبات لتعظيم إثم الذنب احتقاره واستصغاره وعدم المبالاة باجتراحه؛ قال ابن القيم: وهاهنا أمر ينبغي التفطن له، وهو: أن الكبيرة قد يقترن بها -من الحياء والخوف، والاستعظام لها- ما يلحقها بالصغائر، وقد يقترن بالصغيرة -من قلة الحياء، وعدم المبالاة، وترك الخوف، والاستهانة بها- ما يلحقها بالكبائر، بل يجعلها في أعلى رتبها. وهذا أمر مرجعه إلى ما يقوم بالقلب، وهو قدر زائد على مجرد الفعل، والإنسان يعرف ذلك من نفسه ومن غيره. اهـ. من مداج السالكين.
وراجع لمزيد الفائدة في هذا الفتوى رقم: 51769، والفتوى رقم: 136269، والفتوى رقم: 212578.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني