السؤال
ما هو مذهب الشافعي في الإقرار كذبًا بالطلاق؟ لأَني قرأت على مكتبتكم في المغني لابن قدامة المقدسي في كتاب المختصر على مذهب الإمام الخرقي - كتاب الطلاق: (فصل: فإن قيل له: أطلقت امرأتك؟ فقال: نعم. أو قيل له: امرأتك طالق؟ فقال: نعم. طلقت امرأته وإن لم ينو، وهذا الصحيح من مذهب الشافعي، واختيار المزني).
هل هذا هو الصحيح فعلًا من مذهب الشافعي؟ وهل سؤال "أطلقت امرأتك؟" نفس سؤال "امرأتك طالق؟"؟ وهل مذهب الشافعي مقصود به هنا السؤالان أم السؤال الثاني فقط (امرأتك طالق؟)؟ أم أن هناك رواية أخرى؟ وهل كتب الشافعية بعده ممن كتبوا بأن الطلاق لا يقع ديانة، هل خالفوا الشافعي بذلك أم أن الصحيح من مذهب الشافعي هو أن الطلاق لا يقع ديانة وأن ابن قدامة أخطأ؟ أنا أعرف أن الشافعية حققوا في الأمور جيدًا.
أرجو إفادتي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصحّ في مذهب الشافعي -رحمه الله-: أن من أخبر بطلاق زوجته كاذبًا طلقت منه، كما ذكره ابن قدامة -رحمه الله-: "فإذا سئل الرجل: أطلقت امرأتك؟ أو: امرأتك طالق؟ فأجاب: نعم. طلقت"؛ قال العمراني الشافعي -رحمه الله-: "إذا قال له رجل: طلقت امرأتك؟ أو: امرأتك طالق؟ أو: فارقتها؟ أو: سرحتها؟ فقال: نعم. ففيه قولان، حكاهما ابن الصباغ، والطبري؛ أحدهما: أن هذا كناية، فلا يقع به الطلاق إلا بالنية؛ لأن قوله: (نعم) ليس بلفظ صريح. والثاني: أنه صريح في الطلاق، وهو اختيار المزني، ولم يذكر الشيخان غيره، وهو الأصحّ" البيان في مذهب الإمام الشافعي (10/ 91).
لكن هل المراد بوقوع الطلاق عند الشافعي في هذه الحال وقوعه حكمًا في الظاهر دون الباطن أم وقوعه ظاهرًا وباطنًا؟ قال العمراني: "إذا ثبت هذا، وقلنا: يقع عليه الطلاق. نظرت؛ فإن كان صادقًا فيما أخبر به من الطلاق، وقع عليها الطلاق في الظاهر والباطن. وإن لم يكن طلق قبل ذلك، وإنما كذب بقوله: "نعم"، وقع الطلاق في الظاهر دون الباطن".
ولم يذكر ابن قدامة -رحمه الله- في المغني أن الصحيح من مذهب الشافعي -رحمه الله- وقوع الطلاق ديانة، بل أطلق الكلام، فلا يخالف ما ذكره الشافعية.
والله أعلم.