الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى صحة هبة الزوج لزوجته دار سكناه

السؤال

عندي استفسار بخصوص الهبة وسوف أشرح الحالة بالتفصيل.
قام أبي رحمه الله بهبة الوالدة فيلا سكنية والتي كان يسكن بها، وتم توثيق ذلك عن طريق كتابة العدل في صك ملكية الفيلا، وبعد فترة احتاج أن يلغي الهبة لكي يرهن الفيلا للبنك العقاري والحصول على قرض، وبنفس الوقت جمعنا أنا وإخوتي وكتب أن الفيلا هبة لأمي وأشهدنا على ذلك، وتوفي رحمة الله عليه، الآن هل الفيلا شرعا تعتبر من الميراث أو هي للوالدة فقط؟ مع العلم أنه لم يتم القبض أي أن أبي رحمة الله عليه كان يسكن هذه الفيلا حتى آخر أيام حياته. فهل يعتبر التوقيع نقلا للملكية وتعتبر نافذة؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما فعله الأب ليس هبة ناجزة؛ بل قصد استحواذ الزوجة على العقار دون الورثة والوصية لها به إذ لم يملكها إياه في حياته، وبالتالي فهي وصية لوارث ولا تصح ولا تمضي ما لم يجزها بقية الورثة، جاء في المبسوط: ثم الملك لا يثبت في الهبة بالعقد قبل القبض عندنا. اهـ.

وقال صاحب الزاد: وتلزم بالقبض بإذن واهب. ثم ذكر الشارح في الروض المربع حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ: أن أبا بكر- رضي الله عنه- نحلها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض قال: يا بنية، كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا، ولو كنت حزتيه، أو قبضتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث، فاقتسموه على كتاب الله. رواه مالك في الموطأ. اهـ.

وفي الموسوعة الفقهية (هبة الزوج لزوجته دار سكناه أو جزءا منها لا يصح عند كثير من أهل العلم، ما لم يخلها من أمتعته وينتقل عن السكن فيها، قال في منح الجليل: (و) صحت (هبة زوجة دار سكناها لزوجها، لا العكس) أي هبته دار سكناه لزوجته إن مات وهو ساكن بها فيها لبطلان الحوز; لأن السكنى تنسب للزوج وهي تابعة له... )

وفي شأن الوصية للوارث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. [ رواه الترمذي وأبو داود، وقال الألباني حسن صحيح ].

وعلى هذا؛ فالعقار المذكور يضم إلى التركة ويقسم بين جميع الورثة إلا إذا رضوا جميعا بتركه للزوجة وكانوا بالغين رشداء فلا حرج حينئذ؛ لرواية الدارقطني: إلا إن يشاء الورثة. وفي البيان لمذهب الشافعي للعمراني (فإن أجاز سائر الورثة الوصية، فهل تكون إجازتهم لها تنفيذا لما فعله الموصي، أو ابتداء عطية؟ منهم من قال: فيه قولان أحدهما: إنه ابتداء عطية منهم؛ لحديث أبي أمامة: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا وصية لوارث» ولأنها عطية لا تلزم في حق الوارث، فكانت ابتداء عطية منه، كما لو وهبه الوارث شيئا من مال نفسه، والثاني: إنه تنفيذ لما فعله الموصي، وهو قول أبي حنيفة، وهو الأصح؛ لحديث ابن عباس: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا تجوز الوصية للوارث؛ إلا أن يشاء الورثة» فدل على أنهم إذا شاءوا.. جازت الوصية.)

وعلى كل؛ فلا بد من رضى الورثة بذلك وإلا كان العقار تركة كغيره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني