الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس لمن أهدتك الرجوع في الهبة في هذه الحالة

السؤال

تعرفت قبل سنوات على سيدة محترمة، كنت قد قدمت لها بعض الخدمات، ومن خلالها تعرفت على أخلاقي، وأمانتي... ثم بدأنا نتواصل، ونتعرف على بعضنا عن طريق الإنترنت، فقامت حينها بإيداع مبلغ من المال معي، لأمانتي، ولأنه لا يوجد لديها مكان تضع فيه هذا المال، وقمت بإيداعه لدي، ومع مرور الوقت قامت بسؤالي عن نوع سيارتي، حيث كنت أملك سيارة سعرها: 64 ألفا، من عملة البلد الذي أقيم فيه، وحينها قالت لي إنها ستهديني سيارة جديدة، فلم أقبل بهذا، وقالت لا، اشتري سيارة جديدة، وهذه هدية مني... وبعدها اشتريت سيارة، وأخذت منها: 137 ألفا، واشتريت السيارة الجديدة، وقلت لها سيارتي القديمة أصبحت لك - فقالت لا أريدها، قم ببيعها ووضع المال فوق المال، ففعلت ذلك... ومرت الشهور... وبعدها بفترة خطبتها، وكانت مرحلة الخطبة صعبة بعض الشيء، لأنني من بيئة محافظة، وهي من بيئة غير محافظة، وفي فترة الخطوبة قامت بفتح حساب بنكي لها في البلد، فقمت بنقل الأموال إلى حسابها، ودامت الخطبة سنة، ونصف سنة، وكنت أعمل على تقويم بعض الأشياء التي أراها غير مناسبة، فلم أنجح، ووصلنا إلى طريق مسدود، وانفصلنا، وبعد فترة من الانفصال... عدة شهور... قامت هذه السيدة بمطالبتي بالسيارة التي أهدتني إياها، فقلت لها هذه كانت هدية، فقالت أنت لم تقبلها، فقلت لها كيف لم أقبلها وأنا قد اشتريتها؟ وكنت أصلا لا أملك المال، وأنت من أعطاني المال، فهل تجوز لها المطالبة باستعادة الهدية؟ وهل يحق لها هذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما فعله السائل يعتبر قبولا للهدية بالفعل! وقد كان ذلك قبل الخطبة، وليس بسببها. وعلى ذلك؛ فمطالبة هذه المرأة بإرجاع السيارة يعد رجوعا في الهبة، وجمهور العلماء -خلافا للحنفية- على عدم جواز الرجوع في الهبة بعد قبضها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس لنا مثل السوء، الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه. رواه البخاري، ومسلم.

وانظر الفتاوى: 26656، 11760، 169837.

وعلى هذا؛ فلا نحتاج للإشارة إلى أن الموهوب من المرأة كان نقودا، والسائل -الموهوب له- هو الذي باشر شراء السيارة بهذا المال، فتغير حال المال الموهوب، وفات بذلك.

ثم إن السائل باع سيارته القديمة، وأهدى ثمنها، أو رده لهذه المرأة، والحنفية القائلون بجواز رجوع الواهب في هبته ما لم يُثَبْ عليها، يمنع من ذلك عندهم: وجود العوض، وتغير الموهوب، وفواته، وخروجه عن ملك الموهوب له.

وعلى كل، فليس لها الرجوع في هبتها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني