الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما لا يعتبر من العقوق

السؤال

أختلف مع والدتي في بعض النقاط حول تحضيرات الزواج والحفل, فهي متمسكة جدا بالعادات والتقاليد، ويهمها كثيرا ما سيقوله الناس دون الاهتمام برغبتي أنا. وهذه النقاط منها ما هو مخالف للشرع، ومنها ما هو مباح، ولكنه لا يناسبني, فمن ذلك:
1- هي ترغب أن أعرض جهازي وما اشتريته من أثاث أو ملابس أو حلي على الجيران والأقارب والضيوف, وأنا أرفض هذه الفكرة لعدة أسباب؛ منها: أنني أرغب أن أحتفظ بخصوصية لنفسي, وكذلك فأنا أخشى العين والسحر,(مع العلم أن في عاداتنا أن تضع العروس كل ما تجهزه من أثاث وملابس في غرفة كبيرة, وتفتحه وتعرضه, ثم تدعو الناس ليشاهدوا ما اشترته, ويبقى على هذه الحال حتى يراه كل من يأتي وفي أي وقت, وعندهم عادة أن الجيران المقربين يدعون ليروا ما تشتريه حال شرائه ويغضبون إذا لم تدعهم) وإلى جانب ذلك فإن هناك من الجيران من لا تقدر على توفير هذه الأشياء لبناتها، فلا أحب أن أعرض أدباشي للمباهاة, وحقيقة لا أرى أي فائدة من هذا العرض, مع العلم أن هذا من عادات بلادنا, وأمي تقول إن جيرانها غاضبون منها بسبب أنني اشتريت حليا ولم أدعهم ليشاهدوه.
2- تريد مني أن أصطحب معي بنات الجيران والأقارب عند تجهيز المنزل وإعداده, وأنا أرفض لنفس الأسباب السابقة, إضافة إلى أنني أرغب في تجهيزه حسب ذوقي الخاص.
3- أنا لا أحب أن أبالغ في الزينة يوم الزفاف, ولدي ذوق خاص في ذلك, وأمي تريدني أن أكون مثل ما تفعله أغلب الفتيات في بلدنا, فهن يبالغن جدا في الزينة إلى درجة التغيير.
4- كذلك هي حزينة لأنني أخبرتها أنني لن أسمح في زواجي بالاختلاط والمعازف, وهي ترى أن هذا أشبه بالعزاء، وليس فيه مظهر من مظاهر الفرح, وتقول إنني لن أدع فرحتها تكتمل, رغم أنني وعدتها أنه سيكون هناك فرح، وفرقة للنساء تضرب بالدف. لكن في بلدنا لم نعتد على مثل هذا, وهي تقول إن الجيران لن يعجبهم هذا، وربما لن يحضر منهم أحد.
أمي تراني أبالغ في بعض الأشياء، ولا تتقبل مني أن أحظى ببعض الخصوصية والاستقلالية في اختيار ما يناسبني, أنا لا أحب أن أتقيد بما يفرضه علي الناس والعادات, فما كان منها حراما فهذا أمره واضح, وما كان منها حلالا فليس كله يناسبني. مع العلم أن هناك نقاطا لم أذكرها, كنت في الأصل رافضة لها, لكنني تقبلتها مراعاة لوالدتي، ورغبة مني في إسعادها, لأن ليس بها محاذير شرعية. أما هذه الأشياء فلم أستطع فرضها على نفسي صراحة.
أنا لا أعلم هل يجب علي طاعتها في كل التفاصيل التي لا تخالف الشرع, وهل يعتبر عدم موافقتها من العقوق؟ أم أن لي حرية اختيار ما أراه الأنسب لي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأمور المخالفة للشرع، كالمعازف والاختلاط المحرم لا طاعة فيها لأمّك، فإنّ الطاعة إنما تكون في المعروف.
أمّا الأمور المباحة، كعرض الجهاز أمام الجيران، واصطحاب بعضهن عند التجهيز ونحو ذلك، فالظاهر لنا -والله أعلم- أنّه لا تجب عليك طاعتها في هذه الأمور، ولا تعد مخالفتك لها فيها من العقوق، لأنّ الأمّ ليس لها غرض صحيح معتبر في هذه الأمور، وأنت تتأذين منها، وطاعة الوالدين تكون واجبة في الأمور التي ينتفع بها الوالدان، ولا تضرّ الولد. وراجعي حدود طاعة الوالدين في الفتوى رقم : 76303.

ومع ذلك فالأولى أن تطيعي أمّك في ما ترغب فيه مما لا يخالف الشرع، ولا يلحقك منه ضرر محقق، وعلى أية حال فإن عليك برّ أمّك والإحسان إليها قولاً وفعلاً، فإنّ حق الأمّ عظيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني