السؤال
قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {الذاريات: 56} وقال تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً {البقرة: 30} وقال تعالى: هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا {هود : 61} فكيف نضع العبادة في مكانها والاستخلاف والتعمير في مكانه فالتياران الشهيران في المسلمين اليوم، أحدهما يلغي التعمير والاستخلاف، والآخر يقدم التعمير والاستخلاف على العبادة، هذه ملاحظتي، فالتيار الأول ناقص، والثاني مخطئ، أجد ـ والله أعلم ـ أن الأساس هو العبادة، ولكنها لا تستقيم بدون استخلاف وتعمير، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، و أيضا في قوله تعالى: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا {القصص : 77} نجد أن التفسير المشهور لنصيبك من الدنيا هو المباحات، في حين أنني أرى ـ والله أعلم ـ أن للنصيب تفسيرا إضافيا آخر وهو النصيب من العمل الدنيوي الذي يجب أن لا ينساه المسلم، وإن نسيه فسيؤثر ذلك على عبادته، التي خلق من أجلها، وأقرب مثال حي على ذلك أن نسياننا للعمل الدنيوي جعلنا نجوز الاستعانة بمشرك، وهذا النقص من ترك العمل الدنيوي في الاستخلاف والتعمير لدينا، سده الكافر كما هو معلوم، والمقابل مساومة على العبادة، فما أريد أن أصل إليه أن العمل الدنيوي هو كالحصن بالنسبة للعبادة، وترك هذا الحصن يجعل العبادة في خطر، كما أن العمل الدنيوي يجعلك على علم بالواقع، وبالتالي تكون الفتوى منضبطة، فالإيمان هو من أنجى نوحا والذين معه، فكان العمل الدنيوي هو السفينة، فهل توافقونني أم لكم كلام آخر؟.