السؤال
أنا منذ سنتين تقريبًا أخذت تمويلًا من بنك الراجحي بفائدة طبعًا، ونصف المبلغ كنت أسحب منه قليلًا كل فترة، وأخبرني أخي أنه يجب عليّ زكاة، وأخرجتها.
وكنت أشغل نصف المبلغ -وأحيانًا من راتبي- في تجارة التقسيط في بطاقات، ولي سنتان وأنا أقوم بالتجارة، وكل شهر أستلم الأقساط، وأقوم بإقراضها لشخص آخر، ولم أكن أعلم أنه يوجد زكاة على هذه التجارة، وأخذت قرضًا حسنًا من بنك التسليف بدون فائدة، وقمت بتشغيل جزء منه في التجارة، وخلال السنتين ذهبت أرباح التجارة بين مصاريف زواج، وإيجار بيت، وسفر، ونفقة، وغيرها. أفتوني -جزاكم الله خيرً-.
مع العلم أنني -ولله الحمد- أعمل صدقات خيرية كل شهر لحسابات الجمعية الخيرية، ولديّ الآن التزمات من بنك التسليف، ومن بنك الراجحي، مع العلم أن البعض يتأخر في السداد، وبعضهم يقوم بالسداد مبكرًا، وأنا -والله- كنت أجهل أمور الزكاة في هذه التجارة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد ذكرت أمورًا متداخلةً، تحتاج إلى شيء من الاستفصال، والذي يمكننا قوله لك هو: أن الزكاة تجب في كل مبلغ عندك توافر فيه شرطان: أولهما: بلوغ النصاب. وثانيهما: حولان الحول، فأي مبلغ توافر فيه هذان الشرطان، فقد وجبت فيه الزكاة؛ سواء كان المال معدًّا للزواج، أو للتجارة، أو غير ذلك، فإن الزكاة واجبة فيه، ما دام توافر فيه الشرطان، ومقدارها ربع العشر، أي: 2.5%، وما أنفقته في أثناء الحول من نفقة الإيجار، والسفر، والمأكل، والملبس، وغير ذلك من النفقات، لا تطالب بإخراج الزكاة عنه.
وإذا لم تخرجها في وقتها لم تسقط، ويجب عليك إخراجها الآن، وإذا لم تعلم الآن مقدار المال في السنوات السابقة على وجه التحديد، فلا مناص من التقدير، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: من وجبت عليه زكاة، ولم يخرجها في وقتها المحدد، وجب عليه إخراجها بعد، ولو كان تأخيره لمدة سنوات، فيخرج زكاة المال الذي لم يزك لجميع السنوات التي تأخر في إخراجها، ويعمل بظنه في تقدير المال وعدد السنوات إذا شك فيها، لقول الله -عز وجل-: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. اهـ.
والزكاة لا تسقط بالجهل، ولا بالتقادم، ولا بالصدقة المستحبة التي تخرجها بغير نية الزكاة، وانظر الفتوى رقم: 202072.
والديون التي عليك يمكنك أن تخصمها من المبلغ الذي تجب فيه الزكاة إذا كنت لا تملك مالًا آخر، يمكن أن يكون في مقابل تلك الديون.
وأما إذا كنت تملك مالًا آخر زائدًا عن حاجتك، فاجعله في مقابل تلك الديون، ولا تخصم الدَّين من المال الذي وجبت فيه الزكاة.
والديون التي لك على الناس تجب زكاتها عليك؛ لأن المال مالك، ولم يخرج عن ملكك بالإقراض للغير، ولكن إذا كان الشخص المدين لك معسرًا، أو مماطلًا، فإنك تخرج زكاة المال الذي عنده عند استلامه منه لسنة واحدة.
والأموال التي استثمرتها في التجارة تزكي أرباحها مع أصلها، على التفصيل الذي ذكرناه في الفتوى رقم: 128340 عن كيفية زكاة المال المستثمر في التجارة.
والله تعالى أعلم.