السؤال
أرجو منكم كل الرجاء مساعدتي بحل مشكلتي: أنا امرأة مطلقة، وأسكن بمنزلي مع ابني.
أحببت رجلا وهو جاري، وقد بادرني بأنه يحبني وهو متزوج، وقد صرح أكثر من مرة بأنه يريد غرفة نومي، وأنا لم أفهم في البداية قصده، ومع مرور الأيام بدأ يطلب مقابلتي في منزلي وأنا أرفض، حتى فهمت منه أنه يريد الجماع؛ فرفضت رفضا شديدا، فتم الاتفاق بيننا على أن يكون زواجا عرفيا بالأشهر القادمة، في بداية تعارفنا حدث خلاف بيني وبينه؛ لأنه يهمل في التواصل معي، وحدث الخلاف مرة ثانية لنفس الموضوع، وغضب مني لفترة طويلة، وقبل أسبوع غضب مني بشدة، وذلك لأني أقول له: أين الحب الذي تتحدث عنه؟ لا تواصل هاتفي، ولا لقاء في مكان عام، فقط تواصل بالواتساب يرسل فيديو أو صور عادية. ولما أبلغته بأني متضايقة من هذا الوضع، حيث إني لا أتحدث معه، غضب وهاج، وقال: أنت تريدين رجلا فارغا مثلك؛ ليكون معك طول الْيَوْمَ. والله إني كنت أقصد الحديث معه، مع أني مراعية جدا حيث وظيفته حساسة، ومشاغله كثيرة، وزوجته وعائلته فلا أتصل به خوفا من إزعاجه. فطلب مني الفراق، وعمل لي حظرا بالواتساب، ولما صادفته عند الباب لم يلتفت علي، وكان غاضبا جدا مني.
السؤال: هل مطالبتي بالاهتمام بي خطأ؟ وهل من حقي أن يعطيني من وقته قليلا، حتى وإن كان مكالمة كل كم يوم، وللعلم إني أحببته، وقد سعدت معه جدا، وأدخل على حياتي بهجة وروحا، وأنا بعده الآن في حالة انهيار نفسي وعاطفي، وألوم نفسي كثيرا بأني ضيعته من يدي، وليتني لم أعاتبه على تقصيره معي.
وجزاكم الله خيرا.
وأرجو الاهتمام برسالتي، والرد عليها عاجلا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلاقة العاطفية بين الأجنبيين لا تجوز، فهذه هي المخادنة التي كان يفعلها أهل الجاهلية، وحرمها الإسلام، قال تعالى: مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ{النساء:25}، وقال سبحانه: مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ{المائدة:5}، وراجعي الفتوى رقم: 30003.
وإذا أوقع الله في قلب المرأة حب رجل، فالواجب عليها أن تعف نفسها، وتجتنب الوقوع معه فيما يخالف الشرع، وانظري في حكم الحب قبل الزواج، الفتوى رقم: 4220.
وإن كان الرجل صاحب دين وخلق، فلا بأس بأن تبحث عن سبيل للزواج منه، ويجوز لها أن تعرض نفسها عليه للزواج منها، فإن تم الزواج، فهذا هو المطلوب، ثبت في سنن ابن ماجة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم نر للمتحابين مثل النكاح. وإن لم يتيسر لهما الزواج، فالواجب قطع العلاقة، وأن يذهب كل منهما في سبيله.
وإن كان هذا الرجل قد لمح إليك بأمر الزنا، فهو ليس أهلا لأن تقبلي به زوجا؛ لأنه ليس مرضيا في دينه وخلقه، وقد روى الترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه، فزوجوه. إلا تفعلوا، تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض.
وحاجتك إلى الزواج، لا ينبغي أن تكون دافعا لك إلى الغفلة والوقوع في حبائل شياطين الإنس والجن، وأن تكوني فريسة للذئاب البشرية الذين يخدعون بمعسول الكلام، يوردون المرأة في نهاية المطاف مورد المهالك.
فنصيحتنا لك أن تتقي الله في نفسك، وتجتنبي ما يؤدي إلى سخطه، وسيجعل الله لك فرجا من كل ضيق، ومخرجا من كل أذى، ويرزقك الزوج الصالح بمنه وكرمه، قال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق3:2}. ولمعرفة حكم الزواج العرفي وتفصيل القول فيه، راجعي الفتوى رقم: 5962.
نسأل المولى تبارك وتعالى أن ييسر أمرك، ويفرج كربك.
والله أعلم.