السؤال
هناك شخص كان يريد مني مبلغا معيَّنا من المال، وكان لديَّ عدم قناعة باستحقاقه للمبلغ. ولكن كنت أريد أن أحل الموضوع بالتراضي منه. وخلال مكالمتي معه قال لي: أنا راض، لكن لا أريد أن أراك مرة أخرى.
كان بإمكاني إغلاق الخط، ولكن أردت أن يكون راضيا ومقتنعا. ولما شعر أني أشعر بتأنيب ضمير تجاهه، تراجع عن كلامه، وقال: أنا غير راض، وافعل ما تشاء.
السؤال هنا: هل يحق له التراجع في كلامه، ويجب عليَّ إعطاؤه المبلغ؟ علما بأنه أحق بالمبلغ للأمانة، أم لا يحق له أن يتراجع عن رضاه بعدم أخذ المبلغ؟
آسف على الإطالة، وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك غير واضح، والذي يمكن أن نفيدك به على وجه العموم، وفق ما فهمناه من السؤال ما يلي:
-إن كان لهذا الشخص حقّ عليك كدين ونحوه؛ فالواجب عليك أداؤه إليه كاملا، ما دمت قادرا على ذلك.
-إن كان يطالبك بحقّ، وأنت لا تعتقد استحقاقه، فيجوز أن تصالحه على شيء منه.
قال ابن قدامة -رحمه الله- : ...مثل أن يدعي على إنسان عيناً في يده، أو ديناً في ذمته، لمعاملة أو جناية، أو إتلاف أو غصب، أو تفريط في وديعة، أو مضاربة ونحو ذلك، فينكره ثم يصالحه بمال، فإنه يصح إذا كان المنكر معتقداً بطلان الدعوى، فيدفع المال افتداءً ليمينه، ودفعاً للخصومة عن نفسه. والمدعي يعتقد صحتها، فيأخذه عوضاً عن حقه الثابت له؛ ...........، فإن كان أحدهما يعلم كذب نفسه فالصلح باطل في الباطن، وما يأخذه بالصلح حرام؛ لأنه يأكل مال أخيه بباطله، ويستخرجه منه بشره، وهو في الظاهر صحيح. انتهى من الكافي باختصار.
-إن كان له حقّ عليك، ورضي بإسقاطه، أو إسقاط بعضه بطيب نفس، فلا حرج عليك في ذلك، وليس له أن يرجع فيما أسقطه.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وإذا كان له في ذمة إنسان دين، فوهبه له، أو أبرأه منه، أو أحله منه، صح، وبرئت ذمة الغريم منه. انتهى.
- إذا أسقط شيئاً من حقّه بغير طيب نفس، فلا يحل لك ذلك فيما بينك وبين الله، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ إلا عن طيب نفس منه. رواه البيهقي.
والله أعلم.