السؤال
جرى بيني وبين زوجي شجار؛ فخرجت من بيته إلى مركز إسلامي، وقمت أنا وأهلي بطلب الطلاق منه. فرفض، وقام إمام المركز الإسلامي بالتحدث مع زوجي، وإخباره بما نريده أنا وأهلي، وأننا نريد الخلع؛ فرفض.
قام إمام المركز بفسخ عقد النكاح الذي بيني وبين زوجي. حصل هذا خلال فترة لا تزيد عن أسبوع من مغادرتي لبيت زوجي، وقد كنا أنا وأهلي في عجل؛ لأنني كنت أمكث في منزل إمام المركز الإسلامي في الطابق السفلي.
ثم بعد أن أنشئت وثيقة الفسخ بحكم إمام المركز الإسلامي. قال لي أهلي بأنه لا بد أن أعقد برجل؛ لكي يكون محرمًا لي. وأخبروني بأن هذا الشيخ إمام المركز الإسلامي مستعد للزواج بي. وتم العقد والزفاف، الآن مضى على هذا كله 7 أسابيع.
السؤال: هل العقد الذي بيني وبين إمام المركز الإسلامي صالح أم باطل؟ حدث هذا كله وأنا في أميركا. أنا الآن في بيت أهلي.
وشكرا، وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنّ الخلع لا يتم إلّا بإيجاب من المرأة، وقبول من الزوج، ولا يصح أن يحكم القاضي بالخلع دون رضا الزوج، لكن إذا أبى الزوج أن يجيب المرأة للخلع، وكانت متضررة من بقائها في عصمته؛ فالراجح عندنا أنّ للقاضي الشرعي أن يلزم الزوج بالخلع في هذه الحال، وراجعي الفتوى: 105875.
وإذا لم يكن بالبلد محاكم شرعية؛ فإنّ المراكز الإسلامية؛ تقوم مقامها، بعد استيفاء الإجراءات القانونية.
فقد جاء في بيان لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا: المحور السابع: مدى الاعتداد بالطلاق المدني الذي تجريه المحاكم خارج ديار الإسلام:
بين القرار أنه إذا طلق الرجل زوجته طلاقا شرعيا، فلا حرج في توثيقه أمام المحاكم الوضعية.
أما إذا تنازع الزوجان حول الطلاق: فإن المراكز الإسلامية تقوم مقام القضاء الشرعي عند انعدامه، بعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة، وأن اللجوء إلى القضاء الوضعي لإنهاء الزواج من الناحية القانونية، لا يترتب عليه وحده إنهاء الزواج من الناحية الشرعية.
فإذا حصلت المرأة على الطلاق المدني، فإنها تتوجه به إلى المراكز الإسلامية، وذلك على يد المؤهلين في هذه القضايا من أهل العلم؛ لإتمام الأمر من الناحية الشرعية.
ولا وجه للاحتجاج بالضرورة في هذه الحالة؛ لتوافر المراكز الإسلامية، وسهولة الرجوع إليها في مختلف المناطق. انتهى.
وعليه؛ فليس لإمام المركز الإسلامي فسخ الزواج قبل رفع الأمر للقضاء المدني، وثبوت تضرر الزوجة وحاجتها إلى الخلع.
وقد جاء في بحث مقدم للمجلس الفقهي الإسلامي في أمريكا الشمالية، من د. محمد قطناني، إمام المركز الإسلامي لمقاطعة باسيك، ورئيس معهد المنارة للدراسات الإسلامية والعربية:
...فإن لم يُجد الأمر بالإصلاح، طلب الإمام من الزوج أن يطلقها، فإن رفض فيوجه المرأة إلى أن ترفع أمرها للقضاء المدني؛ لتحصل على الطلاق وعلى حقوقها الشرعية والمدنية، ثم بعد ذلك يقوم بإخراج وثيقة طلاق شرعية بمقتضى الضرر الذي ثبت عند القاضي المدني، وحصول الطلاق المدني، فيقضي بالطلاق الشرعي تبعا لذلك.
وتكييف ذلك أن الإمام ليس عنده سلطة التطليق الشرعي فضلا عن المدني، فإذا تيقن من أن للزوجة حق الطلاق للضرر وغيره، ورفض الزوج الطلاق أو كان غائبا، وجهها الإمام إلى القضاء المدني؛ لتحصل على الطلاق المدني، ومن ثم يكون عنده مجال للتطليق الشرعي، وتحقيق العدالة ودفع الضرر عنها. انتهى.
وعليه؛ فإن كان إمام المركز فسخ الزواج قبل رفع الأمر إلى المحكمة دون رضا الزوج؛ فالفسخ باطل، وما حصل بعد ذلك من الزواج من إمام المركز؛ فهو زواج باطل بلا ريب.
وكذا الحال إذا كان الفسخ وقع صحيحاً، لكن الزواج تمّ قبل انقضاء عدة الزوجة، فالزواج باطل إجماعاً، وراجعي الفتوى: 121439
وعدة المختلعة عند الجمهور كعدة المطلقة، ثلاث حيضات، وعند بعض أهل العلم تعتد بحيضة واحدة، وراجعي الفتوى: 191523
أمّا إذا كان الفسخ حصل من إمام المركز بعد رفع الأمر للمحكمة، وصدور الطلاق للضرر، ثم انقضت العدة بعد الحكم بالفسخ، ثم تمّ العقد؛ ففي هذه الحال يكون الزواج صحيحاً.
والذي ننصح به أن تعرضوا الأمر على من تمكنكم مشافهته من أهل العلم الموثوق بدينهم وعلمهم.
والله أعلم.