السؤال
أعلم أن الله هو مدبر الكون، ولا يحدث شيء إلا بإذنه، ولكن لديَّ إشكال في معنى هذه الكلمة تحديدا (الإذن). هل معنى هذا أن الأفعال قبل أن تحدث تشترط موافقة الله على حدوثها؟ أم أن الله أصلا هو الذي يحدثها؟
يعني مثلا: أفترض وجود مدير لشركة هو يتحكم فيها، ويستطيع منع أيِّ فعل يحصل داخل الشركة، أو الأمر بأيِّ فعل، فمن الممكن أن يكون نائما، والعمال يعملون أعمالا لم يطلبها هو منهم، لكنه يستطيع أن يمنعهم إن أراد، ومن الممكن أن يأمرهم هو أن يعملوا عملا، فيعملوه.
والآن أريد أن أفهم: هل تدبير الله من هذا الجنس؟ أي أنه حين يريد شيئا محددا يكون، ولكنه يترك الباقي مع علمه به، وهو ليس معترضا عليه؟ أم أن حدوث أيِّ شيء أصلا لا بد أن يكون الله هو تعمد إحداثه؛ كأمر المدير، وليس كسكوته عن الأفعال.
أتمنى أن أكون وضحت وجهة نظري، وأرجو الإجابة على هذا المثال خاصة؛ لأنه هو الذي سيفهمني ما أريد. وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعياذًا بالله، ثم عياذًا به من أن تعتقد أنه يقع شيء في هذا الكون بغير أن يكون مرادًا لله تعالى، مخلوقا له، فكل ما في هذا الكون قد شاءه الله، وأراد وقوعه، وهو الذي خلقه وأوجده، لا كذلك المثل الذي ضربته، والذي تتصور فيه أن الله قد يكون غافلا عما يجري في الكون، أو أنه يقع في ملكه ما ليس بخالق له -عياذًا به سبحانه، وتعالى الله عن كل ما لا يليق بجلاله-.
قال الله تعالى: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ {غافر:62}، وقال تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ {الصافات:96}.
وروى البخاري في خلق أفعال العباد وغيره من حديث حذيفة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الله صانع كل صانع وصنعته.
ودلائل هذه المسألة كثيرة جدا، وهذا مما اتفق عليه أهل السنة أن الله تعالى هو الخالق لكل شيء، وأنه لا يقع في الكون شيء إلا وقد شاءه، وقدره، وخلقه -سبحانه وبحمده-.
والله أعلم.