السؤال
عندي زوجة أصرت على زيارة أهلها، وهم بعيدون، ودخلنا في سجال أتلف أعصابي. وافقت على ذهابها، وجهزت لها أمور سفرها، وحين حان الموعد أبت أن تسافر، عنادا.
وقلت لها: إن لم تذهبي أنت طالق، طالق، طالق. وقمت بالاتصال بأبيها، وأعدت له نفس الجملة، لكنها لم تذهب وبقيت.
خرجت أنا من البيت لمدة أربعة أشهر، والآن دخل بيننا أهل الخير، وصفت نفوسنا.
أريد فتوى منك، جزاك الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الوقت الذي حلفت لها أن تسافر فيه لفظا، أو قصدا، انتهى، فالمفتى به عندنا؛ أنّ زوجتك طلقت منك بحنثك في يمينك، بانقضاء ذلك الوقت. وإذا كنت لم تقصد بتكرار لفظ الطلاق إيقاعه ثلاثا، فلم يقع به إلا واحدة.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فإن قال: أنت طالق طالق طالق. وقال: أردت التوكيد، قبل منه؛ لأن الكلام يكرر للتوكيد، كقوله -عليه السلام-: " فنكاحها باطل باطل باطل ". وإن قصد الإيقاع وكرر الطلقات، طلقت ثلاثا. وإن لم ينو شيئا لم يقع إلا واحدة؛ لأنه لم يأت بينهما بحرف يقتضي المغايرة، فلا يكنّ متغايرات. انتهى.
وتكرار لفظ التعليق عند الكلام مع أبيها؛ لا يتكرر به الطلاق.
قال الشيخ زكريا الأنصاري -رحمه الله-: لَوْ كَرَّرَ التَّعْلِيقَ بِالدُّخُولِ، فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِالدُّخُولِ إلَّا وَاحِدَةٌ. انتهى من أسنى المطالب في شرح روض الطالب.
فإذا لم تكن هذه الطلقة مكملة للثلاث؛ فلك مراجعة زوجتك في عدتها، وقد بينا ما تحصل به الرجعة شرعا، في الفتوى:54195
وإذا كانت العدة قد انقضت قبل أن تراجعها، فلا بد من عقد جديد.
وعدة المطلقة التي تحيض؛ ثلاث حيضات، وإن كانت حاملا فعدتها تنتهي بوضع الحمل، وإن لم تكن حاملا، ولا ممن تحيض فعدتها ثلاثة أشهر.
وعلى ما ذهب إليه بعض أهل العلم، كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فإنّك إذا كنت لم تقصد بهذه اليمين إيقاع الطلاق، ولكن قصدت التهديد أو التأكيد ونحوه؛ فلم يقع الطلاق بالحنث في يمينك، ولكن تلزمك كفارة يمين، وراجع الفتوى: 11592
والله أعلم.