السؤال
ما حكم من قال على نفسه أنا كافر دون أن يشعر بسبب شدة الانفعال بسبب الوسوسة؟ وما حكم من تكلم مع الغير في آية قرآنية يأتيه فيها وساوس كثيرة مع العلم بأن المقصود معنى الآية قد عرفته إلا أن الوساوس استمرت والآية هي قوله تعالي ويعلم ما في الأرحام وكيف أتخلص من الشعور المرعب بأني منافق و ضعيف الإيمان بسبب هذين الفعلين وكيف أتوب بعدما هداني الله من قبل ولكني عدت إلى الصغائر والكبائر وأصبحت حياتي عذابا وخوفا ويأسا من نفسي لأني كلما عدت للتوبة أبقى على نفس الحال أعصي ولا أجد حلاوة وأحس بأن نفسي ليست مع التدين آسف على تعدد الأسئلة ولكني أرجو مساعدتكم لأني أصبحت لا أقوي على الحياة
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان إطلاقك للكفر على نفسك في حالة لا تعقل معها لشدة الانفعال، فأنت حينئذ بمثابة المجنون، ولا إثم عليك في ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المعتوه حتى يعقل. رواه الترمذي في سننه، ومعناه في سنن ابن ماجه.
وللتعرف على معنى الآية التي أشكلت عليك راجع الجوابين التاليين: 36924، 3197.
وإذا كانت المحاورة بين اثنين في معنى تلك الآية من غير معرفة بمعناها الصحيح، فهذا خطأ عظيم، ويجب عليهما المبادرة إلى التوبة والإكثار من الاستغفار.
وعليه، فإن الفعل الأول إذا صدر منك حال غيبوبة العقل فلا حرج عليك، وكلامك في الآية إذا كان عن غير معرفة بمعناها، فهذا خطأ يكفيك أن تبادر إلى التوبة النصوح منه، وأن تكثر من الاستغفار، ولا داعي لما تشعر به من كونك منافقا، فإن هذه الوساوس من الشيطان الذي لا يألو جهدا في إدخال الحزن إلى قلوب المؤمنين، فقد قال تعالى: إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا (المجادلة: 10).
والوسوسة من مكايد الشيطان لبني آدم، ففي سنن أبي داود ومسند أحمد عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. وصححه الألباني.
وأما ما تشعر به من يأس وقلق بسبب عدم ثبوتك على الاستقامة، فننصح في ذلك بما يلي:
1- الإكثار من الدعاء خصوصا في الأوقات التي يظن فيها استجابة الدعاء كالثلث الأخير من الليل، مع المواظبة على الدعاء المأثور الذي كان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما كان يدعو به.
ففي سنن الترمذي ومسند الإمام أحمد عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.
2- صحبة الرفقة الصالحة التي تدعوك إلى الخير.
3- البعد عن المثيرات، كمشاهدة الأفلام التي تحض على ارتكاب المحرمات.
4- تجنب الفراغ وتعمير الوقت بما يفيد كالاشتغال بتعلم كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك.
5- المواظبة على الاستغفار والتوبة كل ما صدر منك ذنب، فقد قال تعالى: في صفات المتقين: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ (آل عمران: 135).
وللمزيد من التفصيل عن هذا الموضع راجع الجوابين التاليين: 17308، 14440.
والله أعلم.