الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أثر المسّ على فعل الشخص للمحرمات

السؤال

أنا متزوج منذ 13 سنة، ولديّ 3 أبناء، وزوجتي إنسانة محترمة، وطيبة، ومؤدبة جدًّا -هذا ما كنت أعلمه عنها-، وفي أحد الأيام نشب خلاف حادّ بيني وبينها، أدّى هذا الخلاف إلى أن تذهب إلى منزل أهلها، وبعد تواصل أهل الخير في عملية الإصلاح، عادت زوجتي إلى بيتنا بعد شهرين .
وبعد مرور 3 أشهر من عودتها للمنزل، اكتشفت بالصدفة البحتة أنها على علاقة برجل آخر، وكانت بداية هذه العلاقة لحظة وجودها في منزل أهلها -أي أن علاقتها بهذا الرجل بدأت وقت وقوع الخلاف-، وكانت علاقتهم متطوّرة عبر الهاتف، والمكالمات، وقنوات التواصل الاجتماعي لكل شيء -من خيانة بالألفاظ، والبذاءة، والأفعال القبيحة، والصور، ومشاهدة الأفلام البذيئة، والتحدّث عن زوجها له، وحديثه عن زوجته لها-، فقرّرت أن أقوم بأمرين:
1- الستر عليها؛ لأن الستر واجب، وحتى لا أفضح نفسي، وأبنائي بوالدتهم.
2- تطليقها؛ لأني لا أستطيع أن أقبل هذا على زوجتي، وأبنائي، وحياتي.
وقبل الطلاق أخبرتني زوجتي أنها فعلت هذه الأمور بغير إرادتها، وأنها تجهل ما قامت بفعله، ولماذا حدث؟ وكيف حدث؟ وأنها في حالة تخبّط بين الوعي واللاوعي بذلك الأمر، مع البكاء، والندم على ما حدث، وأنه كان شيء بداخلها يدفعها لفعل ذلك، فقرّرت التحقق من ذلك قبل الطلاق؛ بأن أحضر شيخًا صاحب علم ودِين شرعي متخصص بإخراج الجان والمس، وتبيّن لنا -لي، ولها، ولمن حضر الجلسة- وجود ثلاثة من الجان في جسدها -مس عاشق، ومعاونان له-، فهل الحسد، أو المسّ الشيطاني، أو مسّ العاشق يمكن أن يدفع المرأة المتزوجة لفعل المحرمات -من تعرّفها لرجل آخر، ونشر صورها لرجل محرم عليها في حالة تَعَرٍّ-؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن السحر والمس ونحوهما، قد يكون له تأثير على المريض، ويدفعه إلى بعض الأفعال من غير اختيار منه، ولا شك في أنه في هذه الحالة لا يؤاخذ بذلك؛ لقوله سبحانه: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ {الأحزاب:5}.

وقد يفعل المريض ما يفعل وهو في حالة وعي واختيار؛ فيكون في هذه الحالة مؤاخذًا بأفعاله، ويأثم بما يأتي من ذنوبٍ، ومعاصٍ.

وادِّعاء عدم الوعي والاختيار قد لا يقبل من كل أحد، ولا في كل حال من الأحوال، وراجع الفتوى: 62452.

وعلى أي حال؛ فعلى افتراض أن تلك الأفعال قد وقعت منها بوعيٍ، واختيار؛ فإن كانت قد ندمت على ما حدث منها، فقد أحسنَتْ بذلك، وعليها أن تجعل من هذا الندم توبة مستوفية الشروط، وهذه الشروط مبينة في الفتوى: 5450.

فإن تابت، واستقام أمرها؛ فأمسكها، وأحسِنْ عشرتها؛ لتحافظ على كيان الأسرة متماسكًا، واعملا على وضع الأسس التي تعين على استقرار الأسرة، وما يجنبكما أسباب الخصام، وحلّ ما قد يطرأ من المشكلات بتروٍّ، وحكمة.

وانظر إلى ما قد يترتب على الطلاق من مفاسد تتعلق بالأبناء، فإن أظهرَتْ ندمًا، وحسنَ إقبال، وتوبة، واستقام أمرها؛ فلا ينبغي الطلاق.

وقد أحسنْتَ في سترك عليها، وفي الحديث: ومن ستر مسلمًا، ستره الله يوم القيامة. متفق عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني