السؤال
كنت أعمل في مطعم، والمدير وأمناء الصندوق والنوادل متفقون على السرقة، ومن لا ينضم لهم من العمال يبتزونه، ويكثرون عليه المهام؛ لكي يمل ويستسلم. صاحب المطعم غبي وساذج، ويثق في مديره الكذاب الذي يحرضه على العمال الذين لا يسرقون، ويأتي بشهود الزور من أعوانه. عملت خمس سنوات متمسكا بمبادئي. وبعدما نصبوا مكيدة لأمين صندوق شريف جاء المدير بصديق له سارق مثله. وبعد ضغوط وأذى استسلمت، وصرت أتركهم يسرقون من جناحي، وآخذ حقي مما سرقناه. وقبل ذلك أخبرت صاحب المحل بأن المدير يسرق هو وزبانيته، وأنه يضغط علينا، وأخبره عمال آخرون، لكنه إنسان ساذج، يصدق مديره في كل مرة، ويزداد علينا الضغط، فنصبر لعدم توفر عمل بسهولة.
بعد خمس سنوات أخرى استقلت من ذلك المطعم؛ لكي لا أغرق أكثر. هذه هي الحكاية.
السؤال: كيف أرد حق صاحب المطعم، وعندي أمل كبير أن أستحل منه؛ لأنه صراحة يحترمني كثيرا ويعزني؟ عندي أمل كبير أن يسامحني لأنه طيب رغم سذاجته. وهل أستحله دون أن أخبره عما يحدث هناك مرة أخرى؛ لأن ذلك قد يسبب لي مشاكل مع ذلك المدير وشهود الزور الذين قد يكيدون لي مكيدة. علما أنهم أدخلوا شخصا السجن ثلاثة أشهر؛ لأنه أخبر صاحب المطعم بكل شيء.
جزاكم الله عنا خيرا، وبارك فيكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما كيف ترد الحق إلى صاحب المطعم؛ فهذا يكون بأن ترد إليه المال الذي سرقته منه، وهو بالخيار، إن شاء أخذ حقه، وإن شاء تركه لك، وعفا عنك. ففي الحديث: مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ. رواه البخاري.
ومعنى (فليتحلله منها) أي ليسأله أن يجعله في حل، وليطلب منه براءة ذمته قبل يوم القيامة، قاله القسطلاني في إرشاد الساري.
وفي رواية للبخاري معلقة بصيغة الجزم: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ، فَلْيُعْطِهِ أَوْ لِيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ. اهــ، قال الحافظ في الفتح: وَصَلَهُ مُسَدَّدٌ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: مَنْ كَانَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ حَقٌّ فَلْيُعْطِهِ إِيَّاهُ أَوْ لِيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ. اهـ
والخلاصة لا تبرأ ذمتك إلا بدفع المال المسروق له، أو أن يسامحك، وانظر الفتوى: 300748. ولا يلزمك أن تخبره بحقيقة ما يجري في المطعم ما دمت تخشى ضررا على نفسك من سجن أو غيره.
والله أعلم.