السؤال
قرأت في فتاوى الموقع (إسلام ويب): "فإقامة العدل بين العباد، إنما يتحقق كاملًا في الآخرة، عندما توضع موازين القسط ليوم القيامة؛ فلا تظلم نفس شيئا.
وأما في الدنيا فقد يموت المظلوم بمظلمته، ويموت الظالم بظلمه، دون أن يقام العدل بينهما؛ حتى تُقتَصَّ بينهم المظالم يوم القيامة.
وكذلك فإن المحسنين في الدنيا يموت بعضهم دون أن يرى جزاء إحسانه فيها؛ حتى يُجزَى بذلك يوم القيامة". اهـ.
وفي فتوى أخرى: "فإقامة العدل المطلق لا تكون في الدنيا، بل تكون في الآخرة، حيث يقول الله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء:47]، وقال صلى الله عليه وسلم: «لتؤدنّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة؛ حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء» رواه مسلم". اهـ.
ونحن المسلمين نؤمن إيمانًا جازمًا أن الله هو الحكم العدل سبحانه، وأن عدله كامل مطلق أزلًا وأبدًا، لا يظلم مثقال ذرة، ولكن الناس أنفسهم يظلمون؛ فكل أقداره عدل مطلق سبحانه وبحمده.
والعدل كامل مطلق في الدنيا، وكامل مطلق في الآخرة، لا فرق: مطلق كامل في الدنيا بأن الله لا يظلم مثقال ذرة، ولا يكون في حكمه أبدًا وضع شيء في غير موضعه، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
وكامل مطلق في الآخرة، ويحصل الجزاء بمثقال الذرة، وهذا الجزاء لا يكون في الدنيا؛ لأن الدنيا دار امتحان وتكليف.
فإذا كنا نؤمن أن الله لا يظلم مثقال ذرة، وأن الظلم وضع الشيء في غير موضعه، وأن العدل وضع الشيء في موضعه؛ فمحاسبة الظالم، والاقتصاص منه يوم القيامة دون الدنيا، وابتلاء المظلومين في الدنيا هو من العدل، والحكمة، وهو من تمام صفات الله الكاملة، بل إن الابتلاء للمؤمن خير، ورحمة من الله؛ إذ به يؤجر، ويُكفّر به عنه من سيئاته، والحمد لله رب العالمين، فهل كونُ الجزاء والحساب والاقتصاص للمظلوم من الظالم إنما يكون في الدار الآخرة، مُسوّغًا لقول: (إن إقامة العدل المطلق في الآخرة لا في الدنيا)؟! مع ما توهمه العبارة من معنى كفريّ -والعياذ بالله-؟ وجزاكم الله خيرًا.