السؤال
لدينا مشكلة في شركة خاصة، وهذا الشركة مختصة في صناعة الغاز للمشروبات، مع العلم بأن هذه الشركة أنشئت عن طريق قرض بنكي ويجب تسديده في مهلة محددة، السؤال هو: هل نستطيع التعامل مع شركات مختصة في صناعة المشروبات الغازية والكحولية، مع العلم بأن المداخيل تعود إلى البنك والمرافق الإدارية، مع العلم بأنه توجد منافسة كبيرة في هذا المجال؟ ونرجو من سيادتكم الرد في أقرب وقت ممكن، وشكراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقرض نوعان:
الأول: قرض حسن، وهو أن يأخذ العميل مبلغاً من إنسان أو بنك على أن يرد مثله بلا زيادة، فهذا مشروع. الثاني: قرض ربوي، وهو أن يأخذ العميل مبلغاً من إنسان أو بنك على أن يرده مع زيادة، وهو ربا محرم، سواء اقترض ليستثمر أو لحاجته إليه، وقد سبق بيان حرمته مفصلا في الفتوى رقم: 4546.
والظاهر من السؤال أن القرض المذكور من النوع الثاني، فالواجب على من اقترضه أن يتوب إلى الله عز وجل ويجتهد في سداد هذا القرض والتخلص من هذا العقد الفاسد، ببيع الشركة إن لم يكن لصاحبها من الأموال الأخرى ما يرد به القرض، حتى يتخلص من هذا العقد الربوي وتبعاته.
وأما حكم بيع الغاز لهذه الشركات التي تصنع المشروبات الغازية والكحولية، فنقول فيه: إنه لا ريب في أن الوسائل لها حكم المقاصد، وأن ما يتوصل به إلى الحرام يكون مثله، وقد نص العلماء على حرمة بيع العنب لمن سيعصره خمراً، إذا علم البائع ذلك أو غلب على ظنه أنه يتخذه خمراً، أما إذا لم يعلم ولم يغلب على ظنه فلا بأس ببيعه إياه، وفي هذه الصورة المعروضة في السؤال ينظر إن لم يكن لشركات الخمور مصدر للغاز سوى شركتكم فإنه يحرم بيع الغاز لها، لأنه يعلم أنها تستعمله في الخمر، وأما إذا كانت شركتكم واحدة من عدة شركات تبيع الغاز لتلك الشركات فلا مانع من البيع، لأنه لا يعلم هل تستخدمه في المشروبات الغازية أو الكحولية.
وقد ذكر العلماء أنه يكره بيع العنب لمَنْ مِنْ عادته أن يعصره خمراً، وقالوا: إنه قد لا يستخدمه فيه، جاء في المهذب للشيرازي من فقهاء الشافعية: ويكره بيع العنب لمن يعصر الخمر والتمر ممن يعمل النبيذ... لأنه قد لا يتخذ الخمر. انتهى.
وإنما قلنا بالجواز لتلك الحيثيات المذكورة، لا لما ظنه السائل من جواز تسديد دين البنك بالمتاجرة الممنوعة، فهذا غير صحيح وفاعل ذلك مرتكب لذنبين ذنب القرض الربوي وذنب البيع المحرم.
والله أعلم.