السؤال
المسألة في بيع المزاد: عندنا بعض الناس يربحون المال دون اشتراك في المزاد! كيف يحصل ذلك؟ هناك سلعة تباع بمليون مثلاً، وقبل الاشتراك كل مشترك يدفع جزءا من المبلغ المطلوب، لكي يستطيع أن يشترك في المزاد، ثم من هؤلاء المشتركين يوجد من يأتي إلى مشترك آخر ويقول له: أنا لن أشترك في هذا المزاد إن دفعتَ لي المبلغ المعين، وستحصل أنت على السلعة، وإلا فسأشترك وربما سأكون أنا الذي أحصل على هذه السلعة! فبعض المشتركين يتفق على هذا الاقتراح، ويدفعون لهم المال المعين برضاهم، وبالتالي المقترِح لا يشترك في هذا المزاد، ويحصل على المبلغ المعين دون اشتراك في المزاد! فهل هذا المال المحصول عليه دون اشتراك حلال أم حرام؟ ولماذا؟.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تطرق الفقهاء قديما إلى مثل هذه المسألة، وهي تنازل بعض السائمين عن الدخول في المزاد مقابل عوض يدفع إليه، ونصوا على جوازه، إذا كان المطلوبُ منه التنازلُ هو بعضَ السائمين وليس كلَّهم، لأن طلب ذلك من الجميع فيه ضرر بين بالبائع، يقول خليل بن إسحاق المالكي: وجاز سؤال البعض ليكف عن الزيادة. انتهى.
قال الخرشي في شرحه: أي: جاز لحاضر سوم سلعة يريد شراءها، سؤال البعض من الحاضرين للسوم، ليكف عن الزيادة فيها ليشتريها السائل برخص، وليس له سؤال الجميع، أو الأكثر، والواحد الذي كالجماعة، من كونه مقتدى به: كالجميع. انتهى.
وقال الدردير في الشرح الكبير: وجاز لحاضر سوم سلعة يريد أن يشتريها سؤال البعض من الحاضرين ليكف عن الزيادة فيها، ليشتريها السائل برخص، ولو بعوض، ككف عن الزيادة ولك درهم، ويلزمه العوض، اشتراها أم لا. انتهى.
ونبه الدسوقي في حاشيته على استشكال البعض لجواز ذلك، وأنه من أكل أموال الناس بالباطل، فقال: قال ابن غازي في تكميل التقييد في أول باب المرابحة: كان ابن هلال يستشكل ذلك ويقول: إنه من أكل أموال الناس بالباطل، لا سيما إذا كان ربها لم يبعه، وقال العبدوسي: لا إشكال، لأنه عوض على تركه، وقد ترك. انتهى.
وعليه؛ فلا مانع من أن ينسحب بعض السائمين من المزاد مقابل مبلغ يدفعه مريد الشراء، وليس ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، وإنما هو تنازل عن الحق بعوض.
والله أعلم.