الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد بيَّنا في جملة من فتاوانا أن التأمين التجاري محرم من حيث الأصل، ولا يجوز الاشتراك فيه اختيارا.
لكن قد تكون هنالك أحوال يعذر فيها المرء، ولا سيما عند الحاجة العامة. مثلما هو الحال في شأن الجاليات المسلمة في بلاد الغرب، حيث لا يوجد البديل المشروع.
ولذا جاء في قرار مجلس الإفتاء الأوروبي: 7ـ 6 ما يلي:
هناك حالات وبيئات تقتضي إيجاد حلول لمعالجة الأوضاع الخاصة، وتلبية متطلباتها، ولا سيما حالة المسلمين في أوروبا، حيث يسود التأمين التجاري، وتشتد الحاجة إلى الاستفادة منه؛ لدرء الأخطار التي يكثر تعرضهم لها في حياتهم المعاشية بكل صورها، وعدم توافر البديل الإسلامي ـ التأمين التكافلي ـ وتعسر إيجاده في الوقت الحاضر.
فإن المجلس يفتي بجواز التأمين التجاري في الحالات التالية وما يماثلها:
1ـ حالات الإلزام القانوني، مثل التأمين ضد الغير على السيارات والآليات والمعدات، والعمال والموظفين ـ الضمان الاجتماعي أو التقاعدـ وبعض حالات التأمين الصحي، أو الدراسي ونحوها.
2ـ حالات الحاجة إلى التأمين لدفع الحرج والمشقة الشديدة، حيث يغتفر معها الغرر القائم في نظام التأمين التجاري، ومن أمثلة ذلك:
1ـ التأمين على المؤسسات الإسلامية كالمساجد، والمراكز، والمدارس، ونحوها.
2ـ التأمين على السيارات والآليات والمعدات، والمنازل، والمؤسسات المهنية والتجارية؛ درءا للمخاطر غير المقدور على تغطيتها، كالحريق والسرقة، وتعطل المرافق المختلفة.
3ـ التأمين الصحي؛ تفاديا للتكاليف الباهظة التي قد يتعرض لها المستأمن وأفراد عائلته، وذلك إما في غياب التغطية الصحية المجانية، أو بطئها، أو تدني مستواها الفني. انتهى.
وبناء على ذلك، يجوز لك الاشتراك في التأمين المذكور، لكن لا يجوز لك التحايل عليه لأخذ ما لا تستحق العوض عنه.
وهنا ينظر إن كان الجوال من جملة ما يستحق المشترك التعويض عنه، فلك رفع الطلب بوصف ما وقع دون زيادة، فإن أعطوك، فلا حرج عليك في ذلك، وإن كنت لا تستحق العوض عنه؛ فلا تكذب ولا تخادع.
واعلم أن على المسلمين المقيمين في ديار الغرب أن يكونوا مثالًا وقدوة حسنة في الوفاء بالعهد، فالمسلم أوفى العالمين عهدًا، وأوثقهم ذمّة.
ولقد جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شأن اتفاق أبرم بينه وبين كفار قريش أنه قال: إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحًا، وأعطيناهم على ذلك عهدًا، وإنا لا نغدر بهم. رواه أحمد، وغيره.
والله أعلم