السؤال
أبي عمره: 75 عامًا، طلق أمي ثلاثًا، منذ سنوات، بسبب مشاكل وخلافات، وعدم مودة دائمة حتى اللحظة. أمي ما زالت في البيت تقوم بخدمة البيت (من طعام وغسيل....) لأبي، وأخي البالغ.
الدولة أعطت الشقة لهما: باسم أبي وأمي جميعا (مع دفع إيجار حتى التمليك) بدلًا من بيت أبي السابق (إيواءات).
فما الحكم؟ وكيف أصنع أنا، خاصة أن أبي بعد أن أكد أنه طلقها البتة، تراجع وقال إنه غير متأكد؛ لعلمه أن هذا الأمر قد ضايقني جدا.
أخي يجزم بوقوع الطلاق الثلاث وأكثر، وأنا وباقي إخوتي الأربعة متأكدون من اثنتين فقط، وأبي وأمي غير متأكدين.
هل أتركها في الشقة لخدمته؟
وبالطبع هو لا يمسها، ولا يحبها أصلا، ويتمنى أن تذهب، لولا الخوف على نفسية إخوتي. هل نبيع الشقة، وكلٌ منهما يأخذ نصيبه؟
مع العلم أن بيع الشقة، وسكن كل واحد في مكان منعزل، فيه مشقة ماديًّا. أو ماذا أفعل؟
وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل في الطلاق أنه بيد الزوج، وأنه مُصَدَّق في عدده. وتراجع الفتوى: 372436.
لكن بما أن المسألة فيها تراجع منه وإنكار، ربما عن اعتراف سابق بالثلاث. فإننا ننصح بأن تراجع الجهات المختصة بالنظر في قضايا الأحوال الشخصية؛ لتفصل فيها بتصديق الزوج واستمرار أحكام الزوجية، أو تحكم ببينونتها منه. وعندئذ لا يحل لها مساكنته في بيت واحد، إلا إذا كان كل منهما في جزء منه مستقل بمرافقه؛ لأنها قد أصبحت أجنبية عليه، فلا يجوز لها أن تضع حجابها عنده، أو تمكنه من الخلوة بها.
قال ابن حجر الهيتمي في كتابه الفتاوى الفقهية الكبرى: إذا سكنت المرأة والأجنبي في حجرتين، أو علو وسفل، أو دار وحجرة. اشترط أن لا يتحدا في مرفق كمطبخ أو خلاء، أو بئر أو ممر، أو سطح أو مصعد له. فإن اتحدا في واحد مما ذكر حرمت المساكنة؛ لأنها حينئذ مظنة للخلوة المحرمة. وكذا إن اختلفا في الكل، ولم يغلق ما بينهما من باب، أو يسد، أو غلق لكن ممر أحدهما على الآخر، أو باب مسكن أحدهما في مسكن الآخر. انتهى.
وإن وُجِد الوالدان على حال يستوجب الإنكار؛ فالواجب الإنكار عليهما، والأصل في الإنكار أن يكون برفق، وهو متأكد في الإنكار على الوالدين.
جاء في كتاب الآداب الشرعية لابن مفلح: فصل في أمر الوالدين بالمعروف ونهيهما عن المنكر. وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلمه بغير عنف ولا إساءة، ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. انتهى.
وبرهما مطلوب على كل حال.
وأما بخصوص بيع الشقة من عدمه، فحيث إن الدولة ملكتها لوالديك كليهما، فمرد ذلك إليهما، فهما ينظران فيما هو الأصلح لهما.
وراجع للفائدة، الفتوى: 111340.
والله أعلم.