السؤال
أعمل، ولدي وظيفة، وأتقي الله في مصدر رزقي؛ لأني لا أقبل أبدا بأي مصدر مال حرام؛ لكيلا يلوث مالي.
منذ فترة سمعت عن منتج جديد يساعد على الإقلاع عن التدخين اسمه: "أكياس النيكوتين" وهو عبارة عن نيكوتين فقط، ولا يصيب الإنسان بأي أمراض ولا سرطان. على عكس النوع الآخر من هذا المنتج وهو: "السنوس" والحبة فيه تتكون من التوباكو؛ لذلك يكون لونها بنيا، وتتسبب في سرطان الفم، أو الحلق. أما "أكياس النيكوتين" فمصدرها نباتي، ولونها أبيض.
أردت أن أتاجر في هذا المنتج، ولكن كنت قلقا من أن يكون مالي حراما، فبحثت ووجدت في موقعين فتويين بحرمة أكياس النيكوتين والسنوس.. وجدت كلا الفتويين تحرمان استخدام السنوس؛ لأنه يؤدي إلى السرطان كما أوضحت سابقا.
وقد أفتوا بأن استخدام أكياس النيكوتين ليس حراما، فبدأت بالتجارة في هذا المنتج تحديدا؛ لأن استخدامه ليس حراما، الإشكالية الوحيدة أنه يتسبب بالإدمان (مثل القهوة)، وحاليا لا يوجد أي إثبات علمي أن فيه أضرارا، وهذا منتج يشتريه من كان يريد الإقلاع عن التدخين، أو من لا يريد التدخين ولكن يريد أن يستمتع بشعور النيكوتين مثل شعور الكافين، فكلاهما يأتيان من مصادر معدودة. فهل أستمر في التجارة على يقين بهذه الفتوى، لأني لا أسمح تماما بأن ألوث مالي ولو كان هناك حتى شك 1%.
وفي حال كان هذا الأمر غير جائز، فماذا أفعل بالمال الذي كسبتi من هذه التجارة، كوني لا أعلم كم كسبت من المال تحديدا: هل أستغفر، وعفا الله عما سلف؟
هل أخرج صدقة مال تقريبا مما كنت أربح من هذه التجارة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنيكوتين هو التركيب الكيميائي النشط في التبغ، وهو الذي يسبب الإدمان، وله أضرار على الصحة. كما سبق بيانه في الفتويين: 457747، 64814.
وإذا كان الأمر كذلك، فالأصل هو حظر الاتجار بالنيكوتين، إلا إن وجدت منه أنواع لا تؤدي إلى الإدمان، ولا تضر بالصحة ضررا معتبرا في التحريم.
وعلى ذلك، فالأخ السائل الذي لا يريد تلويث ماله ولو كان هناك حتى شك 1% ، عليه الامتناع عن الاتجار في هذه الأكياس.
وأما المال الذي سبق له اكتسابه فلا يلزمه التخلص منه؛ لأنه فعل ما فعل معتقدا حِلَّه، وقد قال الله -تعالى- في حق المال المكتسب من الربا: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ {البقرة: 275}.
وانظر الفتويين: 132350، 367423.
وكذلك فعله معتمدا على فتوى بالجواز، كما ذكر في سؤاله: (وقد أفتوا بأن استخدام أكياس النيكوتين ليس حراما، فبدأت بالتجارة في هذا المنتج تحديدا؛ لأن استخدامه ليس حراما).
والعامي المقلد مذهبه مذهب مفتيه، فإذا سأل من يثق في دينه وعلمه، فأفتاه بالجواز، فقلده معتقدا أن ذلك هو الصواب، فلا حرج عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أفتي بغير علم، كان إثمه على من أفتاه. رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد، وحسنه الألباني.
قال القاري في (مرقاة المفاتيح): يعني: كل جاهل سأل عالما عن مسألة، فأفتاه العالم بجواب باطل. فعمل السائل بها، ولم يعلم بطلانه، فإثمه على المفتي إن قصر في اجتهاده. اهـ.
وقال الشوكاني في (نيل الأوطار): المعنى: من أفتاه مفت عن غير ثبت من الكتاب والسنة، والاستدلال، كان إثمه على من أفتاه بغير الصواب، لا على المستفتي المقلد. اهـ.
والله أعلم.