السؤال
قبل سنوات عبر الأنترنت طلبت من شخص أعرفه في مواقع التواصل أموالا، وكان غرضي استعمالها في محرم -والعياذ بالله- فأعطاني إياها، وقد أوهمته أنني بحاجة إلى تلك الأموال لأمور عائلية.. وبعد مدة أردت أن أرجع له ماله، لكنه من كرمه أبى، وعفا عني.. وفي هذه المرحلة كنت في بداية بلوغي، وبعد سنوات عديدة من الله علي بالاستقامة، وأردت إرجاع الحقوق لأصحابها، لكن هذا الأخ الفاضل لم أجد طريقة للتواصل معه كي أخبره أنني قد كذبت عليه، لأن حساب التواصل الذي كنت أراسله عليه ضاع مني، ومعرفتي به لم تكن على أرض الواقع، كي أذهب إليه وأستسمحه، فكيف أتخلص من هذا الحق، لأنه عفا عني فيما أقرضني، لكنني كذبت عليه، لكي آخذ ذلك القرض؟ وهل يلزمني التصدق عنه بذلك المبلغ؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان عفو هذا الشخص عن حقه كان بسبب ما أوهمه به السائل من حاجته للمال لأمور عائلية، فلا اعتبار لهذا العفو، كما أنه لو أعطاه على ظن هذه الحاجة عند السائل، فإنه لا يملك العطية إذا لم يكن الواقع كما ظن المعطي.
قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: من أعطي لوصف يظن به، كفقر، أو صلاح، أو نسب، بأن توفرت القرائن أنه إنما أعطي بهذا القصد، أو صرح له المعطي بذلك، وهو باطنا بخلافه، حرم عليه الأخذ مطلقا، ومثله ما لو كان به وصف باطنا لو اطلع عليه المعطي لم يعطه، ويجري ذلك في الهدية أيضا على الأوجه، ومثلها سائر عقود التبرع -فيما يظهر- كهبة، ووصية، ووقف، ونذر. اهـ.
وقال الخطيب الشربيني في حاشيته على الغرر البهية: ويحرم عليه أخذها إن أظهر الفاقة، ولا يملك ما أخذه إن ظنه الدافع متصفا بها؛ لأنه قبضه بلا رضى من صاحبه؛ إذ لم يسمح له إلا على ظن الفاقة. اهـ.
وإذا وجب على السائل رد هذا المال لصاحبه فتعذر ذلك، فإنه يتصدق به عنه، وراجع في ذلك الفتاوى: 379540، 236332، 199295.
والله أعلم.