الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن زوجة وأربعة ذكور وثلاث بنات وأوصى لأحد أبنائه

السؤال

الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
- جنس المتوفى: ذكر
- مقدار التركة: (5250000)
- للميت ورثة من الرجال:
(ابن) العدد 4
- للميت ورثة من النساء:
(بنت) العدد 3
(زوجة) العدد 1
- وصية تركها الميت تتعلق بتركته، وهي: أنه وهب لأحد الأبناء: 1400000، خوفا من أن لا يعطيه إخوته الكبار شيئا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا لم يكن للمتوفى إلا من ذكر من الورثة، فإنه بعد سداد ديونه، وتنفيذ الوصايا المشروعة، تقسم التركة على الوجه الشرعي، الذي فرضه أحكم الحاكمين، وبيانه على الوجه التالي: لزوجته الثمن، لقوله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: 12}.

ويقسم باقي التركة بين جميع أبنائه الذكور والإناث -تعصيبا- على القسمة التي فرضها الله تعالى في كتابه العزيز بقوله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11}.

فيتحصل من ذلك أن تقسم التركة على على: 88 سهما، لزوجته الثمن -وهو: 11 سهما- ولكل ابن من الذكور الأربعة: 14 سهما، ولكل ابنة من البنات الثلاث: 7 أسهم.

جدول الفريضة الشرعية
الورثة / أصل المسألة 8 ×11 88 التركة = 5250000
الزوجة 1 11 656249.999

4 أبناء

3 بنات

7

77

لكل ابن 14

ولكل بنت 7

لكل ابن 835227.272

لكل بنت 417613.636

فهذا ما يخص القسمة للميراث في المسألة.

وأما ذكرته في خاتمة السؤال من أن المتوفى -ترك وصية، وهي أنه وهب لأحد الأبناء: 1400000، خوفا من أن لا يعطيه إخوته الكبار شيئا- فما ذكرته إن كان هبة منجزة في حياة والدكم، فتصح بالقبض في حياة الواهب، وإن كانت وصية مؤجلة إلى ما بعد وفاته - كما يظهر- فهي وصية لوارث، وقد جاء النهي عنها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: في خُطبتِهِ عامَ حجَّةِ الوداعِ: إنَّ اللَّهَ قد أعطى كلَّ ذي حقٍّ حقَّهُ، فلا وصيَّةَ لوارثٍ. رواه أبو داود، وأحمد، ووصفه السيوطي بالمتواتر.

فالوصية المذكورة في السؤال مخالفة لتوجيه النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما في الحديث السابق، فلا يعمل بها إلا إن رضي جميع الورثة، وهم بالغون راشدون بإنفاذها، وإلا فلا تصح من دون رضاهم.

جاء في الموسوعة الفقهية: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْوَصِيَّةِ لِوَارِثٍ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْل الأْوَّل: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ ـ وَهُوَ الأْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ ـ إِلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ تَنْعَقِدُ صَحِيحَةً مَوْقُوفَةً عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ أَجَازُوهَا بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوصِي نَفَذَتْ، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوهَا بَطَلَتْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَثَرٌ، وَإِنْ أَجَازَهَا الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ نَفَذَتْ فِي حَقِّ مَنْ أَجَازَهَا، وَبَطَلَتْ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُجِزْ.

الْقَوْل الثَّانِي: ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِل الأْظْهَرِ، وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، إِلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ بَاطِلَةٌ مُطْلَقًا، وَإِنْ أَجَازَهَا سَائِرُ الْوَرَثَةِ، إِلاَّ أَنْ يُعْطُوهُ عَطِيَّةً مُبْتَدَأَةً. اهــ.

وقد سبق توضيح ذلك في الفتوى رقم: 66565. وغيرها.

ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً، وشائك للغاية وبالتالي: فلا يمكن الاكتفاء فيه، ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني