الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام طلب الربح من الشريك المضارب

السؤال

قبل عدة سنوات اتصل بي أحد أصدقائي وطلب مني أن أقرضه مبلغا من المال، وأخبرني بأن أمامه فرصة لبدء مشروع محل تجاري، لكن ليس لديه المال الكافي.
أخبرته أن المبلغ الذي طلبه هو كل ما أملك ولا أستطيع إقراضه، لكن إن أردت سأدخل معك شريكا، وأعطيك ما طلبته؛ فوافق، وأرسلت له المال، وزدت عليه ضعفه وأكثر فيما بعد، بعد أن حققت دخلا من مصدر آخر. وأخبرته أن يعيد استثمار العائد لمدة حتى يستقيم المشروع.
كنت عندما أسأله عن أحوال المشروع يخبرني تارة أن الأمور على ما يرام، وتارة أخرى يخبرني أن الأمور لا تسر، وهذه أمور أحسبها عادية في أي مشروع.
منذ بداية المشروع إلى أن مرت سنتان تقريبا لم أطلب منه أن يرسل لي أي مبلغ، لكن حين رأيت أنه بدأ يتردد في أجوبته واتصالاته، وحين احتجت مبلغا أسدد به دينا بدأت أعذاره تتكاثر، وبعد أخذ ورد أرسل مبلغا بسيطا، وأرسل بعد مدة أخرى مبلغا بعد أن طلبته. لكنه بعد ذلك لم يرسل شيئا آخر، وسمعت من أحد أفراد عائلته أنه في مدينة أخرى، وأنه يعمل مع شخص آخر (أي أن المشروع المشترك لم ينجح) لم أكن متأكدا من ذلك، لكن صديقي لحد الساعة لم يخبرني بأي شيء (لم أصدق ما قيل لي؛ لأنه لا يخبرهم عادة بأي شيء مما يقوم به) والآن عندما احتجت مبلغا اتصلت به وأخبرني أنه سيرسله، لكنه يؤجل في كل مرة.
فهل يجوز أن أطلب منه إرسال المال وأحثه على ذلك، أم لا؟ رغم أني عندما أسأله عن أحوال المشروع وعن مكانه يخبرني دائما أنه لا زال قائما، ولم تتح لي الفرصة لأسافر إلى المدينة التي يوجد فيها المشروع؟
الرجل كان زميلي في الدراسة، وكنا نتبادل الزيارات إلى بيوتنا، وأثق فيه ثقة كاملة، وإلا لما أرسلت له ذاك المبلغ.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فصاحبك مؤتمن على ما تحت يده، والأصل السلامة ما لم يثبت خلافها.

وعلى كل؛ فلا بأس أن تطلب منه الأرباح المتفق عليها إذا كان هناك ربح وتراضيتما على ذلك، وقوله في حصول الربح كاف.

والربح لا يكون إلا بعد سلامة رأس المال. فإن لم يحصل ربح، فلا شيء لك، وإن حصلت خسارة كانت من رأس المال، ولا يتحمل صاحبك شيئا من الخسارة، إلا إذا فرط في عمله أو تعدى.

واقتسام ما ظهر من الربح إذا اتفق الطرفان عليه، يكون تحت الحساب، إلى أن يعاد حساب الربح النهائي بعد استيفاء رأس المال؛ فيأخذ كل طرف ما بقي له من الربح، أو يرد ما أخذه زائدا على حقّه.

جاء في المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المراجعة والمحاسبة الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية:
8/ 7- لا ربح في المضاربة إلا بعد سلامة رأس المال، ومتى حصلت خسارة في عمليات المضاربة جبرت من أرباح العمليات الأخرى. فالخسارة السابقة يجبرها الربح اللاحق، والعبرة بجملة نتائج الأعمال عند التصف
ية.

فإذا كانت الخسارة عند تصفية العمليات أكثر من الربح؛ يحسم رصيد الخسارة من رأس المال، ولا يتحمل المضارب منه شيئًا، باعتباره أمينا، ما لم يثبت التعدي أو التقصير، وإذا كانت المصروفات على قدر الإيرادات يتسلم رب المال رأس ماله، وليس للمضارب شيء. ومتى تحقق ربح، فإنه يوزع بين الطرفين وفق الاتفاق بينهما.

8/ 8- يستحق المضارب نصيبه من الربح بمجرد ظهوره (تحققه) في عمليات المضاربة، ولكنه ملك غير مستقر، إذ يكون محبوسا وقاية لرأس المال، فلا يتأكد إلا بالقسمة عند التنضيض الحقيقي، أو الحكمي. ويجوز تقسيم ما ظهر من ربح بين الطرفين تحت الحساب، ويراجع ما دفع مقدما تحت الحساب عند التنضيض الحقيقي أو الحكمي.

يوزع الربح بشكل نهائي بناء على أساس الثمن الذي تم بيع الموجودات به، وهو ما يعرف بالتنضيض الحقيقي. انتهى.

والخلاصة أن صاحبك إن كان يدعي حصول ربح وتراضيتما على قسمته تحت الحساب؛ فلا حرج. ولك طلب ذلك منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني