السؤال
تقدم لخطبتي رجلان:
الأول: متدين، ويطلق لحيته، ويصلي الفروض في المسجد، لكن عند الجلوس معه وجدت أن بيئاتنا، وشخصياتنا، وطباعنا؛ مختلفة، ولا نكاد نتفق.
أما الثاني: فهو شخص يؤدي الفرائض، ويجتنب الكبائر، لكن لحيته دون القبضة، ولا يصلي جماعة في المسجد، ويسمع الأغاني.
وعند الجلوس معه أخذنا الوقت، وشعرت بألفة، وتشابه في أفكارنا، وطباعنا، وطموحاتنا.
فهل أكون آثمة إن قبلت الزواج بالأقل تدينا لأن طباعه تشبهني؟ مع العلم أني متوسطة التدين.
والأمر الثاني -وهو ليس متعلقا بالدين، إنما تفضيل جمالي شخصي- أنني لا أحب اللحية الطويلة الكثة، وإن كانت على رجل مسيحي، ولا أرى الرجل طويل اللحية جميلا، وأنفر منه، لكن بالطبع لا أنكر أنها رمز ديني، ولا أطالب أحدا بحلقها، لكن أنفر من وجودها، كما قد ينفر أحدهم من النساء زرقاوات العينين.
فهل أنا آثمة بنفوري هذا؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالشرع الحكيم قد حث على الزواج من صاحب الدين والخلق، ففي الحديث الذي رواه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه، فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض.
وأورد البغوي في شرح السنة عن الحسن البصري أنه جاءه رجل، فقال له: قد خطب ابنتي جماعة، فمن أزوجها؟ قال: ممن يتقي الله، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.. انتهى.
ولا بأس بالنظر للجوانب الأخرى التي تكون أدعى للألفة والمودة، ونحو ذلك من موجبات دوام العشرة الزوجية.
وعلى كل؛ فأنت غير ملزمة شرعا بقبول الرجل الأول، فإن الأمر في الحديث السابق ليس للوجوب.
قال المناوي في فيض القدير عند شرح هذا الحديث: فزوّجوه إِيَّاهَا، ندباً مؤكداً. انتهى.
واحرصي على الاستخارة، ليختار لك الله سبحانه ما هو أصلح.
وراجعي في الاستخارة الفتوى: 19333، والفتوى: 123457.
وبخصوص كره اللحية الطويلة الكثة لمجرد مقتضى الطبع، لا رفضا لحكم الشرع، فلا مؤاخذة على صاحبه، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 227251.
وننبه في الختام إلى أن الخاطب أجنبي عن المخطوبة، حتى يُعقد له عليها العقد الشرعي، فلا يجوز التساهل في التعامل معه، وتجاوز الحدود الشرعية؛ كالخلوة معه، ونحوها. وراجعي للمزيد الفتوى: 418372.
والسبيل الأمثل لمعرفة حال الخاطب سؤال الثقات، ومن يعرفونه عن قرب، ويتعاملون معه.
والله أعلم.