الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الجمع بين قوله تعالى: ولا تباشروهن وأنتم عاكفون.. وبين مباشرة النبي وهو صائم

السؤال

كيف أجمع بين قول الله تعالى: (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) وبين الحديث الذي روته عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّل وهو صائم، ويباشِر وهو صائم، وكان أملككم لإربه"؟ بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه -بحمد الله تعالى- لا تعارض البتة بين الآية والحديث.

فالمباشرة المنهي عنها في الآية، وردت في سياق أحكام الاعتكاف في المساجد، ولو كانت ليلة الصوم، وهي هنا: كناية عن الجماع، وما دونه.

قال الطبري في تفسيره: فأما "المباشرة" في كلام العرب؛ فإنه مُلاقاة بَشَرة ببَشرة، و"بشرة" الرجل: جلدته الظاهرة، وإنما كنّى الله بقوله: "فالآنَ باشروهن" عن الجماع.. وكل شيء في القرآن من ذكر "المباشرة" فهو الجماع نفسه.

وقال ابن بطال في شرح البخاري: وفيه دليل على أن المباشرة التي قال الله: (وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) [البقرة: 187] لم يرد بها كل ما وقع عليه اسم لمس، وإنما أراد بها تعالى الجماع، وما دونه من دواعي اللذة، ألا ترى أنه - صلى الله عليه وسلم - كان معتكفًا في المسجد، ويدني لها رأسه ترجّله.

وأما المباشرة التي ذكرتها عائشة -رضي الله عنها- من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعلها حال صومه مع أزواجه، فالمراد بها: التقاء البشرتين، من لمس بيد، ونحوها بما دون الفرج.

قال النووي في شرح مسلم: معنى المباشرة هنا اللمس باليد، وهو من التقاء البشرتين بما دون الفرج. انتهى.

وقال ابن حجر في الفتح -تعليقًا على الحديث-: وأصل المباشرة التقاء البشرتين، ويستعمل في الجماع، سواء أولج أو لم يولج، وليس الجماع مرادًا بهذه الترجمة. انتهى. وهذا لغير المعتكف.

وأما الجماع فهو محرّم في الصورتين، مع العلم أن الصائم إذا خشي تحرّك شهوته؛ فإنه لا ينبغي له المباشرة بالقُبلة، ونحوها، ولمعرفة كلام أهل العلم في هذه المسألة، يرجى الاطلاع على الفتوى: 123013.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني