الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاستيلاء على أموال المقامرين لمنعهم من القمار

السؤال

أعمل في شركة مالية توفّر خدمة المحفظة الإلكترونية، التي يحفظ فيها عملاء الشركة أموالهم، وعملي فيها يُمكّنني من معرفة ومتابعة التحويلات المالية، وتوجد منصات إلكترونية عالمية للمراهنات، يتم فيها إيداع مبالغ في حسابات كل منصة؛ بغرض القمار بها في أكثر من لعبة للرهان، ومن المعلوم أنها محرّمة، ومن وسائل الإيداع على حسابات المنصةِ المحفظةُ الإلكترونية، ومن ثم؛ فأستطيع معرفة ومتابعة عمليات الإيداع التي تتم على تلك المنصة، وبإمكاني بسهولة استغلال معرفتي لبيانات أي معاملة أن أمنع تلك التحويلات من أن تتم على حساب العميل على المنصة، بأن أحوّلها إلى حسابي الشخصي على المنصة بطريقة غير مشروعة -دون علم العميل، ولا علم الشركة التي أعمل بها-، فهل لي فعل ذلك؛ لمنع أصحاب الأموال قبل وقوعهم في إثم القمار؟ خصوصًا أنهم بعد هذا الموقف لن يثقوا في منصات الرهان؛ ظنًّا منهم أنها منصات احتيال، ولن يودعوا عليها مبالغ مرة أخرى، وفكّرت أن أعيد لهم أموالهم دون علمهم بعد فترة زمنية –سنة مثلًا- بحيث ينسوا ما حدث، ولا يربطوه بما حدث قبل سنة، وهل لي حينها المضاربة في تلك الأموال، ولو خسرت فأتحمّل الخسارة وأتكفّل بإعادتها كاملة لأصحابها؟ وما حكم فوائد تلك المضاربة؟ خصوصًا أنه حق انتفع به مقابل تعبي في المضاربة، ومقابل أني منعت أصحاب تلك الأموال من وقوعهم في الإثم، وحتى لو لم تكن المضاربة برضاهم، ولكني أرى أنهم يوم الحساب سيتفهّمون، ويسامحونني بعد إدراكهم لرحمة ربهم بهم إذ جعلني سببًا في منعهم من الوقوع في الذنب. وشكرًا جزيلًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لك فعل ذلك، ولو كان الغرض منع وصول المال إلى منصّات القمار؛ فإن الغاية لا تبرّر الوسيلة، فكما ينبغي أن تكون الغاية مشروعة، كذلك ينبغي أن تكون الوسيلة مشروعة، والقاعدة أن الوسائل لها أحكام المقاصد، وراجع في معنى هذه القاعدة الفتوى: 50387. وراجع في بيان ضوابط كون الغاية تبرر الوسيلة الفتوى: 74667.

ولا نعلم أحدًا من أهل العلم قال بجواز سرقة أموال المقامرين، أو غيرهم من العصاة؛ لمنع حصول معاصيهم! وإنما المشروع في ذلك هو أمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، ما أمكن ذلك، وانظر للفائدة الفتوى: 23695.

ولا يبرر هذا أيضًا: العزم على ردّ هذه الأموال لأصحابها بعد فترة، كما أن العزم على التوبة لا يبرّر فعل المعصية، خاصة وأن المرء لا يضمن بقاءه لفعل ذلك، وإن بقي؛ فلا يأمن أن يفسخ عزمه، وتغلبه نفسه.

هذا مع ما في هذا الفعل من مخالفة شروط العمل، وتعريض النفس للتهمة والعقوبة في حال كشف الأمر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني