السؤال
أود الاستفسار عن أمر يؤرقني وأخاف من تلبيس إبليس فيه، فأرجو منكم الجواب الكافي لكي يطمئن قلبي وفقكم الله، أنا أعيش في ألمانيا ،التزمت الطريق الصحيح طريق أهل السنة والجماعه، و بدأت بحفظ القرآن الكريم منذ ما يزيد عن السنتين وأنا ماض إلى حفظه كاملا بعون الله, والمشكلة أني أحفظ القرآن في المسجد لعدم توفر الجو الهادئ في البيت وأنا أب لأربعة أطفال, والمسجد الذي أحفظ فيه كتاب الله تابع للجاليه التركية في ألمانيا ولهم من الهفوات والبدع الكثير والكثير ومنها السرعة في أداء الفرائض حيث لا يتسنى للمصلي أي خشوع وعدم رص الصفوف والتسبيح الجهري بعد انتهاء الصلاة والمبالغة فيها لدرجة عالية ناهيك عن أدعيتهم التي يتخللها الكثير من التوسل بحرمة النبي والقرآن والمداومة على قراءة نهايات البقرة جهرا بعد الصلاة المفروضة وقراءة سورة الفاتحة بعد أي حديث أو شيء.كل تلك الهفوات من إخوننا المسلمين الأتراك ناجمة عن التقليد الأعمى والجهل وأنا أحاول جهدي لتبيين الأحكام الشرعية الصحيحة فيما يفعلون، ولكن بدون جدوى والمهم بدأ يوسوس لي الشيطان أن لا أصلي معهم خصوصا وأنهم يصلون صلاة الصبح قبل الشروق بأقل من نصف ساعة ولا يلتزمون بمواقيت الأذان ويؤخرون الأذان وأني بدأت أميز لحن الإمام في قراءة القرآن بعد ما تمكنت من الأحكام وهو لا ينطق الحروف بلفظها الصحيح (الظاء كالزاي والذال كالزاي)، مع العلم بأنه يقرؤها صحيحة في أحيان أخرى أو تلحينه في الحركات، مع العلم لا يوجد في مدينتي مسجد عربي أو مسجد لأهل السنة والجماعة إلا في مدينة أخرى، فماذا أفعل انصحونا يرحمكم الله، راجيا منكم الأخذ في الاعتبار أن الفرد مع الجماعة قوي، مع العلم بأن المسلمين العرب الملتزمين في الصلاة في مدينتي هم أربع عوائل فقط؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنهنئك على الاهتمام بحفظ كتاب الله تعالى ومدارسته فإن ذلك من أفضل الطاعات والأعمال الصالحة التي تقرب إلى الله تعالى، ثم إنه من الضروري أن تقوم بنصح الجماعة المذكورة وتنبيههم على ما يقعون فيه من بدع ومخالفات شرعية مع مراعاة الحكمة في ذلك والرفق بهم فهذا من النصيحة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة... رواه مسلم.
وما ذكرته من كونهم يتوسلون بالقرآن فهذا أمر مشروع كما سبق في الفتوى رقم: 37867.
ثم إن نطق الإمام للذال ممزوجاً بالزاي في سورة الفاتحة إذا لم يكن متعمداً لا يبطل الصلاة عند بعض أهل العلم كالمالكية على القول الصحيح عندهم، وبالتالي فلا يمنع ذلك الاقتداء به، قال الدسوقي المالكي في حاشيته: وحاصل المسألة أن اللاحن إن كان عامداً بطلت صلاته وصلاة من خلفه باتفاق وإن كان ساهيا صحت باتفاق وإن كان عاجزاً طبعاً لا يقبل التعليم فكذلك لأنه ألكن وإن كان جاهلاً يقبل التعليم فهو محل الخلاف سواء أمكنه التعليم أم لا؟ وسواء أمكنه الاقتداء بمن لا يلحن أم لا، وإن أرجح الأقوال فيه صحة صلاة من خلفه وأحرى صلاته هو لاتفاق اللخمي وابن رشد عليها. انتهى.
هذا إضافة إلى صحة الاقتداء أيضاً عند المتأخرين من الحنفية نظراً لعموم البلوى بذلك عند كثير من الناس حيث لا يقيمون الحروف إلا بمشقة، وراجع الفتوى رقم: 60642.
واللحن في غير الفاتحة غير مبطل للصلاة ولا مانع من الاقتداء، والظاء ليست من حروف الفاتحة، وعليه فإذا لم يكن هذا الإمام متعمداً اللحن بل يقع منه أحياناً غلطاً أو عجزاً فلا ينبغي أن يجعل من اللحن الذي يصدر من الإمام أو مما تمارسه الجماعة من البدع مبرر للتخلف عن الجماعة، وذلك لأن المصالح المترتبة على الجماعة أرجح بكثير من المفاسد المترتبة على الصلاة في هذا المسجد، إن لم يكن ثمة تعمد للحن، وكذلك القراءة فيه، مع نصحنا للسائل بالإرشاد إلى الصواب حسب استطاعته وتغيير ما يراه من منكرات ترتكب في ذلك المسجد.
والله أعلم.