الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قطيعة الأخ لأخته تضر بدينه

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
تواجه أمي العديد من الخلافات بينها وبين أخيها بسبب طلبها لميراثها منه كي تحج به فقام بمقاطعتها وانقطعت العلاقة بينهما تماما..وبعد فترة مرضت أمي مرضا شديدا فلم يقم بزيارتها وعندما شفيت سامحته وتنازلت عن ميراثها، وذهبت إلى بيته كي يسامحها هو أيضا وتزول الخلافات التي بينهما ..ولكنه لم يقابلها وتركها
وغادر المنزل وحاولت أمي العديد من المرات أن تتصل به لتكلمه فما استطاعت وبذلت قصارى جهدها في ذلك..والآن انقطعت العلاقة بينهما تماما ولكنى أسأل سيادتكم هل يكون على أمي وزر أو ذنب في هذه المقاطعة وقد حاولت كثيرا أن تنهيها؟
وقد أخبرنا رسول الله انه إذا تقاطع اثنان أكثر من ثلاثة أيام ومات أحدهما دخل النار وأنه لن يقبل منه صوم أو صلاة ..وأنا أخشى على أمي من ذلك
فهي كثيرة الطاعة لله فهي تصلي وتصوم كثيرا وتقوم الليل.
ولكنى أتمنى من سيادتكم أن تعينوني في هذا الأمر....

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار رواه أبو داود، وصححه الشيخ الألباني، فهذا الحديث يدل على خطورة التقاطع والتدابر، لكن إذا كانت أمك قد بذلت كل ما في وسعها لإنهاء حالة الهجر والقطيعة بينها وبين أخيها فلا إثم عليها حينئذ ، لقوله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة :286}. وقال سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16}.، ولا تكون داخلة في الحديث المتقدم ، ويقع الإثم على أخيها من عدة جوانب:

الجانب الأول: قطعه رحمه التي أمره الله بوصلها وتوعده إن هو قطعها بقوله تعالى : " فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد: 22، 23} ، وسبق تفصيله في الفتوى رقم 13912

ثانيا: حرمان أخته من حقها في الميراث ، وهذا ظلم وتعد لحدود الله ، وقد قال الله سبحانه بعد آيات المواريث التي بين فيها نصيب كل وارث: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء: 14]

وقال صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة. رواه أحمد وابن ماجه من حديث أبي هريرة وحسنه الألباني.

ثالثا: عدم زيارتها في مرضها ، ورفضه مقابلتها ، وزيارة المريض ورد السلام من الحقوق الواجبة لكل مسلم وإن لم يكن له قرابة ، فما بالك بالقريب ، وكيف إذا كان من القرب بهذه الدرجة وهي الأخت.

فينبغي نصح هذا الأخ بتقوى الله والتوبة من هذه الذنوب والمظالم قبل أن يأتيه الموت وهو على هذه الحال .

أما الأخت ( الأم ) فننصحها بالصبر، والدعاء لأخيها ومسامحته في ما هو حق لها، ولا تيأس منه، بل تستمر في محاولاتها إنهاء هذه القطيعة لما فيها من الخطر على أخيها في دينه ودنياه، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني