السؤال
ما حكم الشرع فيمن أخذ قرضا وهو بحاجة ماسة إليه، مع العلم بأنه يسكن بشقة ليست ملكاً له ولم يجد أي مكان آخر يُؤْويه، وهو معرض في أي لحظة للمناوشات من صاحب الشقة؟
نرجو إعطاء حكم الشرع في ذلك، علما أن لدي منزلا تحت الإنجاز ولا أستطيع إكماله بدون هذا القرض؛ لأن العين بصيرة واليد قصيرة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن الربا من أغلظ المحرمات، والمحرمات لا تباح إلا عند الضرورة.
وما ذكرته من حاجتك لبناء مسكنك ليس موضع ضرورة، ما دام الاستغناء بالإيجار ممكناً، على ما فيه من مشقة. فإن السكن ضرورة للإنسان كالطعام والشراب، ولكن كون السكن ملكاً للشخص فهذا حاجة وليس بضرورة؛ فلا يباح لأجله الاقتراض بالربا.
ومما يجدر التنبه له أن الضرورة لا تعني مطلق المشقة، فالضرورة تبيح ما كان محظوراً إلى أن يرتفع الضرر، أما المشقة القاصرة عن مرحلة الضرورة فلا تبيح المحرمات، قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119}، ولم يقل: إلا ما شق عليكم.
فالحاصل أن عليك أن تتقي الله -تعالى- وأن تعلم أن التعامل بالربا يعني إعلان الحرب بينك وبين الله. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ {البقرة: 278-279}.
ولا يعلم ذنب ـ دون الكفر ـ كان الوعيد فيه بهذا الترهيب إلا الربا.
والله أعلم.