السؤال
هل صحيح أن الملائكة لا تحضر مجلسا به امرأة عارية الرأس أو متبرجة؟ وما هو الحديث الذي ينص على ذلك ؟جزاكم الله خير الجزاء.
هل صحيح أن الملائكة لا تحضر مجلسا به امرأة عارية الرأس أو متبرجة؟ وما هو الحديث الذي ينص على ذلك ؟جزاكم الله خير الجزاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا مانع من أن تكشف المرأة رأسها أو أن تبدي زينتها أمام من يحل لها أن تفعل ذلك أمامه كالزوج والمحارم ، أما بالنسبة للزوج فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : احفظ عورتك إلا من زوجتك . رواه الترمذي .
وأما بالنسبة للمحارم فانظر في ذلك الفتوى رقم : 284 // والفتوى رقم : 599 ، إلا أن الأولى والأفضل هو الستر إذا لم تدع إلى الكشف حاجة ولو كان الإنسان وحده ، وذلك استحياء من الله تعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلم : الله أحق أن يستحيا منه من الناس . رواه البخاري
وكذلك إكراماً للملائكة الكرام الحافظين الذين لا يفارقون الإنسان إلا في حالتين نصت عليهما السنة فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط ، وحين يفضي الرجل إلى أهله ، فاستحيوهم وأكرموهم . رواه الترمذي
فهم لا يفارقون الإنسان وإن كان عارياً ، هذا بالنسبة للملائكة الحفظة ، فقد ثبت بالنص أنهم لا يفارقون الإنسان إلا في الحالتين المنصوص عليهما ، قال في تحفة الأحوذي : قال الطيبي رحمه الله: وهم الحفظة الكرام الكاتبون . انتهى
وقال القرافي في الذخيرة : " وفي الجواهر وقع الاتفاق على وجوب ستر العورة عن أعين الناس وفي وجوبه في الخلوة قولان : قال المازري هو مستحب عن أعين الملائكة لما في الترمذي ... انتهى
وقد ذهب الحنابلة إلى تحريم اللبث في الخلاء فوق قضاء الحاجة وعللوا ذلك بقولهم : " لأنه كشف عورة بلا حاجة " انظر شرح منتهى الإرادات ، وقال الشوكاني في نيل الأوطار : والحق وجوب ستر العورة في جميع الأوقات إلا وقت قضاء الحاجة ، وإفضاء الرجل إلى أهله ، كما في حديث ابن عمر السابق ، وعند الغسل على الخلاف الذي مر في الغسل ، ومن جميع الأشخاص إلا في الزوجة والأمة ، كما في حديث الباب ، الطبيب والشاهد والحاكم على نزاع في ذلك . انتهى
وفيما ذكرنا من النصوص ما يكفي ما رجحناه من مراعاة الحاجة ، هذا بالنسبة للملائكة الحفظة ، وقد ذكر أهل العلم أن هناك ملائكة غير الحفظة مهمتهم التطواف بالبيوت يدعون لأصحابها بالرحمة والتبريك والاستغفار وهؤلاء هم المعنيون بقوله صلى الله عليه وسلم : لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب أو صورة . وراه مسلم
ولا نعلم نصاً يمنع دخول هذا النوع من الملائكة إذاكشفت المرأة رأسها أو أبدت زينتها ، والأولى هو الامتناع من فعل ذلك إلا لحاجة أيضاً ، وذلك مراعاة لما ذكره الطبري وابن كثير في البداية نقلاً عن ابن اسحاق : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر زوجته خديجة رضي الله عنها بمجيء جبريل له قالت : إذا جاءك صاحبك فأخبرني ، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم أخبر خديجة فحسرت فألقت خمارها ورسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرها ثم قالت : هل تراه ؟ قال : لا قال : يا بن عم اثبت وأبشر فوالله إنه لملك ما هذا شيطان . ولعل هذا هو الحديث الذي يقصده السائل فيما نعلم ، هذا إذا كان الكشف حال خلوتها أو أمام من يحل له النظر إليها ، أما إذا كان الكشف أو التبرج أمام من لا يباح له النظر إليها فلا شك في أن مجلساً كهذا مدعاة إلى حضور الشياطين وذهاب الملائكة الذين وصفناهم آنفاً ( وهم الملائكة الذين مهمتهم التطواف بالبيوت يدعون لأصحابها بالرحمة والتبريك والاستغفار ) لأن هؤلاء الملائكة وظيفتهم حضور مجالس الخير والذكر ، وهم يلتمسونهما في كل وقت وحين ، فإذا وجدوها تجمعوا حولها وتنادوا لحضورها كما ثبت في الحديث عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لله ملائكة سياحين في الأرض فضلاً عن كتاب الناس فإذا وجدوا أقواماً يذكرون الله تنادوا هلموا إلى بغيتكم فيجيئون فيحفون بهم إلى سماء الدنيا .... رواه الترمذي وغيره ، وصححه الألباني .
والله أعلم .
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني