السؤال
والدي قام ببناء عقار بطريقة قانونية ثم زاد دورا مخالفا لكي أتزوج فيه، وعند قيام إدارة الحي الذي أسكن فيه والذي تكثر فيه الرشاوي برفع قضية دفع والدي رشوة لكي لا يقوموا بهدم هذا الدور، ولكن بقي أن ندخل الكهرباء إليه وقد تزوجت فيه فعلاً مع مد وصلة للكهرباء من شقة أخرى بالعقار، سؤالي هو:
هل حرام أن أسكن في هذه الشقة، الآن معروض علي أن أدفع رشوة مرة أخرى لإدخال الكهرباء، فهل هذا يجوز لأني لا أملك شقة أخرى، معروض أيضاً على أن أدفع رشوة، لكي أبني فوق العقار أدوارا مخالفة أخرى بطرق قانونية، فهل هذا يجوز وإن لم يكن جائزا فهل على أن أمنع إخوتي من هذا إذا أصروا.
مع العلم: أن هذا الحي لو اتبعت الطرق الشرعية لإدخال الكهرباء فسيطلبون غرامة كبيرة جداً ليست معي، هذا هو الحال في كل أمور هذا الحي؟ عذراً للإطالة. وجزاكم الله عنا خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالرشوة من كبائر الذنوب، لقول الله تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أكالون للسحت {المائدة:41}، قال الحسن وسعيد بن جبير: هو الرشوة. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وفي رواية : والرائش وهو الساعي بينهما. فيحرم طلب الرشوة وقبولها وبذلها، كما يحرم عمل الوسيط بين الراشي والمرتشي. وهذا كله في الرشوة التي تدفع لإبطال حق أو إحقاق باطل.
وأما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه أو لدفع ظلم أو ضرر، فإنها جائزة عند الجمهور ويكون الإثم على المرتشي دون الراشي، فقد ورد في الأثر أن ابن مسعود رضي الله عنه كان بالحبشة فرشا بدينارين، حتى خلي سبيله، وقال: إن الإثم على القابض دون الدافع.
وهذا الدور الذي زاده والدك، إما أن يكون له الحق أصلاً في زيادته، بأن يكون بناه في ملكه، وليس فيه ضرر على المصالح العامة وكان تأسيس البناية محتملاً له بشهادة من تعتبر شهادته من أهل الخبرة، وإما أن لا يكون له الحق في زيادته، بأن يكون قد تخلف أحد الشروط المتقدمة.
فإذا كان له الحق في زيادته ولم يترتب عليه ضرر ولم يمكن توصله لذلك إلا بتقديم رشوة، فقد علمت مما قدمناه من النصوص أن له ذلك، وعليه فإنه من المباح لك أن تستمر في سكناه، وإن لم يكن له الحق في ذلك، فما فعله هو الرشوة المحرمة، وعليه أن يبادر إلى التوبة منها، ومن تمام ذلك أن يعيد الأمر إلى صوابه.
وما قلناه في هذه النقطة ينطبق تماماً على موضوع الكهرباء، وعلى الأدوار التي تريد بناءها فوق العقار.
وعلى تقدير عدم إباحة ما سألت عنه، فإن من واجبك أن تمنع منه إخوتك ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم وأحمد وأصحاب السنن.
والله أعلم.