السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
نحن مؤسسة ونقوم بالتسويق للأسماك عبر الانترنت والفاكس والهاتف من أجل الحصول على مستورد لهذه الأسماك ونرسل لهم دراسة الأسعار وصور السمكة عبر الايميل، وتارة إذا احتاج الأمر نرسل لهم عينة من السمكة التي نرغب في أن نبيعها لهم، وقد نكتفي بإرسال فاتورة أولية لهم عبر البريد السريع ومصدقة من طرفنا لكنها لا تلزمهم بالشراء ونخبرهم أنه لابد من أن تكون طريقة الدفع بفتح اعتماد مستندي أو بتحويل عبر التلكس ومقدما ويكون الاعتماد صالحا لمدة 45 يوم مع العلم أنه لا يمكننا أن نسحب نقود المشتري إلا بعد تجهيز الحاوية له ونقوم نحن بشراء البضاعة بعد فتحه للاعتماد مباشرة ونقوم بتجهيز الحاوية وبحضور الجهات الرسمية المختصة وتسليم الحاوية إلي الشركة الناقلة لتصبح هي المسؤولة عنها ويتولي المشتري تكاليف الشحن بعد ذلك نقدم الوثائق إلي البنك ليقوم بفتح الاعتماد وتسليمنا نقودنا . ونحن بدورنا لا نقوم بشراء هذه الأسماك إلا بعد فتح الاعتماد أو بتحويل النقود عبر التيلكس وتأكدنا من دخول النقود في حسابنا لأن بعض الزبناء أفارقة ونحن نخشى من عمليات الاحتيال والنصب، فهل هذا النوع من البيع جائز أم لا ؟
وشكرا .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا مانع من تسويق الأسماك عبر الأنترنت أو الفاكس أو الهاتف ونحو ذلك، إذا تقيد البائع في جميع ذلك بالضوابط الشرعية لصحة البيع.
ومن تلك الضوابط أن لا يبيع الشخص بضاعة ليست عنده، لما رواه حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي، أبتاع له من السوق ثم أبيعه؟ قال: لا تبع ما ليس عندك. أخرجه الترمذي وهو حديث صحيح لغيره.
ولما أخرجه أبو داود وغيره عن ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك. كما أنه إذا اشترى البضاعة فلا يجوز له أن يبيعها قبل حيازتها، لما أخرجه أبو داود عن ابن عمر قال: ابتعت زيتا في السوق فلما استوجبته لنفسي لقيني رجل فأعطاني به ربحا حسنا فأردت أن أضرب على يده، فأخذ رجل من خلفي بذراعي فالتفت فإذا زيد بن ثابت فقال: لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم. حسنه الألباني.
وإذا كانت البضاعة طعاما كالسمك مثلا، فإن بيعها قبل قبضها مجمع على تحريمه. قال الإمام ابن رشد: وأما بيع الطعام قبل قبضه، فإن العلماء مجمعون على منع ذلك، إلا ما يحكى عن عثمان البتي.
وقولك: ونحن بدورنا لا نقوم بشراء هذه الأسماك إلا بعد فتح الاعتماد أو بتحويل النقود عبر التيلكس وتأكُّدِنا من دخول النقود في حسابنا، وتعليلك لهذا بأن بعض الزبناء أفارقة وأنكم تخشون من عمليات الاحتيال والنصب...، فإن كنت تعني بذلك أنكم تطلبون هذه النقود على سبيل الرهنية خشية نكوص زبنائكم بعد أن تشتروا الأسماك، ثم إذا تم البيع كانت النقود المرتهنة هي الثمن، وإذا لم يتم البيع رجعت النقود إلى أصحابها، فلا مانع من ذلك، لأن أهل العلم أجازوا أخذ الرهن قبل تعمير الذمة. ففي الدسوقي عند قول خليل: وارتهن إن أقرض أو باع أو يعمل له... قال: صورته أنه يقول شخص لآخر خذ هذا الشيء عندك رهنا على ما اقترضته منك أو على ما يقترضه منك فلان أو على ثمن ما تبيعه لي أو لفلان. فالرهن على هذه الكيفية صحيح لازم; لأنه ليس من شرط صحة الرهن أن يكون الدين ثابتا قبل الرهن لكن لا يستمر لزومه إلا إذا حصل بيع أو قرض في المستقبل, فإن لم يحصل كان له أخذ رهنه. فقول المصنف وارتهن أي واستمر لزوم رهينة الشيء الذي رهنه إن أقرض أو باع في المستقبل، ولو قال المصنف: وصح أي الرهن فيما يحصل في المستقبل من بيع أو قرض ولزم بحصوله كان أوضح. اهـ.
وإن كنت تقصد بما ذكرته أن عقد البيع يتم على السمك قبل اشترائه، فقد علمتَ مما ذكر أن بيعه قبل قبضه لا يجوز، فكيف ببيعه قبل اشترائه؟ ثم إننا ننبه إلى أن القبض في كل شيء يكون بحسب حاله .
والله أعلم.