الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا لا نستطيع الجزم بشيء في سبب ما حصل بينكما, إلا أنا ننبهك إلى أن الحب في الله من أعظم مراتب الإيمان وأحبها إلى الله تعالى فيتعين الحرص على دوام ما كان بينكما منه.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أحب الأعمال إلى الله -عز وجل- الحب في الله والبغض في الله. رواه أحمد وحسنه الأرناؤوط.
و قال صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء. رواه الترمذي، وقال حسن صحيح.
وقال: أوسط عرى الإيمان أن تحب في الله، وتبغض في الله. رواه أحمد وحسنه الأرناؤوط. وقال: أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله, والبغض في الله. رواه الطبراني وصححه الألباني.
وفي الموطأ وصحيح ابن حبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين في، والمتجالسين في، والمتزاورين في.
ومن الأسباب المشروعة المرغب فيها الجالبة للتحابب بين الأحبة في الله وعدم حصول الجفاء: المعاشرة الحسنة, والصبر على الأذى, ودفع السيئة بالحسنة, وإفشاء السلام, والتهادي والزهد فيما عندهم فقد قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ{فصلت:34}.
وفي الحديث: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا, ولا تؤمنوا حتى تحابوا, أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم. رواه مسلم.
وفي الحديث الذي رواه ابن ماجه في سننه عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبوك. وصححه الألباني.
وفي الحديث: تهادوا تحابوا. رواه مالك والبخاري في الأدب وأبو يعلى والبيهقي. وحسنه الألباني.
ومنها البعد عن المعاصي فإن المعاصي سبب للحرمان وسبب لوقوع البغضاء بين الناس، فقد عاقب الله النصارى بها لما عصوا وكفروا، كما قال تعالى: وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ {المائدة: 14}.
وفي الحديث: ما تواد اثنان فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما. رواه البخاري في الأدب وصححه الألباني والأرناؤوط. وفي الحديث: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. رواه أحمد وابن حبان والحاكم وحسنه الألباني والأرناؤوط.
واعلمي أن التعاون بين الأصدقاء في التعلم من أهم الوسائل المساعدة في تحصيله وقد قيل قديما: نبت العلم بين اثنين.
ثم إن المتحابين إذا كان أحدهما أشد حبا لصاحبه كان أعظم أجرا منه فلا يحملك توهمك زهدها فيك على عدم الاتصال بها, فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما تحاب اثنان في الله، إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه. رواه ابن حبان وغيره وصححه الألباني في الأدب المفرد.
والله أعلم.