الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم يصل قط ويريد الزواج.. رؤية شرعية

السؤال

أنا مقبل على الزواج ولم أصل قبل، وأنا نادم على هذا الحال ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بينا من قبل عقوبة تارك الصلاة في الدنيا والآخرة، ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 6061 .

وبينا في تلك الفتوى أدلة القائلين بكفر تارك الصلاة، ومن بين تلك الأدلة قوله -صلى الله عليه وسلم-: إن بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ـ ترك الصلاة . أخرجه مسلم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم.

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، وقال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون من الأعمال شيئا تركه كفر إلا الصلاة، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من ترك الصلاة فقد كفر. رواه المروزي في تعظيم قدر الصلاة، والمنذري في الترغيب والترهيب. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: من لم يصل فهو كافر . رواه ابن عبد البر في التمهيد (4/226) والمنذري في الترغيب والترهيب (1/439).

والراجح من أقوال أهل العلم أن تارك الصلاة بالكلية يعتبر كافرا، والعياذ بالله، وهذا إذا كان يعتقد وجوبها، وأما لو كان لا يراها واجبة، فإنه كافر بالإجماع.

وعليه، فإذا كنت باقيا على هذا الإثم الكبير، فليس لك أن تتزوج من مسلمة، وذلك لأن الزواج يعطي ولاية للرجل على المرأة. والله جل وعلا يقول: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا {النساء: 141} وقال تعالى: وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ {البقرة: 221}.

وإن كنت نادما على ما كان منك من ترك الصلاة، وتائبا إلى الله عازما على أن لا تعود إلى مثل هذا، فإن الله تعالى يقبل التوبة من جميع الذنوب. قال الباري جل ذكره: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}. وروى ابن ماجه عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له . حسنه ابن حجر. وحينئذ فلك أن تتزوج بمن تريد.

وإذا قمت بقضاء جميع الصلوات التي كنت قد تركتها فذلك أبرأ لدينك، مراعاة لمن يقول بعدم كفر تارك الصلاة.

وإن شق عليك ذلك، فإن من يقول بكفر تارك الصلاة لا يرى عليه القضاء إذا تاب؛ لأنه كمن دخل في الإسلام لأول مرة .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني