الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف تكسب بر أبويك دون ظلم زوجتك وأهلها

السؤال

تزوجت قبل أكثر من عامين وأثناء زواجي حدثت مشكلة بين أهلي وأهل زوجتي واستمرت الحساسيات بين الأسرتين إلى الآن . وآخر التطورات حدوث مشكلة بين أختي وزوجتي وكانت أختي غلطانة في التصرف حيث قامت بسبي وسب زوجتي أمامي وقمت بضربها وأخذت تؤلب والدي ووالدتي ضدي و كسبت صف والدي ووالدتي ضدي . غضبت والدتي ووالدي مني وبعد هدوء الأمور طلبت السماح منهم وطلبوا مني لكي يسامحوني أن أقطع أي علاقة بيني وبين أهل زوجتي مع العلم أن هنالك علاقة قرابة بين أسرتي وأسرة زوجتي. وطلبت مني أختي أن أرسل زوجتي إلى أهلها لمدة عام لكي أؤدبها و اتهموني أني مسحور من قبل أهل زوجتي مع العلم أنني عملت الرقية الشرعية ولم يحدث شيء لي السؤال هل يجوز لي أن أقطع علاقتي مع أهل زوجتي ؟ وإذا كان الجواب لا هل يجوز لي أن أواصل علاقتي مع أهل زوجتي وأكذب على أهلي بأنني قطعت علاقتي مع أهل زوجتي مع العلم أنني أخاف حق الولدين علي و أريد أن لا أقاطع أحدا خوفا من الله عز وجل وأنا معروف في الأسرة ببر الوالدين أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء. وكيف أكسب بر الولدين دون أن أظلم زوجتي علما بأنني لدي بنت منها ؟ الرجاء الدعاء لي و لأسرتي بالهداية .جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبر الوالدين وطاعتهما في المعروف من أوجب الواجبات، لما لهما من حقوق عظيمة أكد القرآن والسنة عليها.

قال الله سبحانه وتعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا {الأحقاف: 15}.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : لما سئل عن أي الناس أحق بالصحبة؟ قال: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك. رواه مسلم

ولكن الوالدين إذا أمرا بترك واجب أو بفعل معصية فلا تجوز طاعتهما في شيء من ذلك. وإن صلة الرحم واجبة، وقاطعها آثم مستحق للعقاب يوم القيامة، قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22-23}.

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم، فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك. قالت: بلى. قال: فذلك لك.

وعليه، وبما أنك ذكرت أنه توجد قرابة بين أسرتك وأسرة زوجتك، فلا يجوز أن تطيع والديك في قطع هذا الرحم.

ولكن عليك أن تتودد إلى والديك وتحسن إليهما، وتنبههما على أن المانع لك مما يطلبانه منك هو أنه يخالف أمر الله تعالى.

ولا تفرط لحظة في برهما والتقرب إليهما، فإن أمرهما بما فيه الإثم لا يُسقط شيئا من حقهما، وإذا وجدت رضاهما مستحيل بدون أن يعلما أنك قاطعت هذه الأسرة فلا مانع من أن تلجأ إلى المعاريض، ففي المعاريض مندوحة عن الكذب، فيمكنك مثلا أن تقول: أنا أزور آل فلان وتنوي آل فلان آخرين غير أصهارك، أو تقصد أنك لا تزورهم باستمرار، أو لا تكثر من زيارتهم .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني