الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بر الزوج بأمه وإنفاقه عليها

السؤال

أنا أعمل في بلد أجنبي وزوجي كان يعمل والآن لا يعمل
حماتي دائما ما تطلب أموالا من زوجي وإذا ما اعترض ترفض الحديث معه عبر الانترنت أو التليفون ثم ترد عليه بعد محاولة أو اثنين وتقول له إنها غضبانة عليه وتسرد له للعذاب الذي ينتظره في الدنيا والآخرة نتيجة غضبها ثم تذكره بما فعلته من أجله وهو في بيتها حين كان يطلب منها شيئا وتحضره له مع إني أرى أن كل الأمهات فعلت وتفعل ذلك بما فيهم أمي وأنا الآن كأم دون انتظار مقابل
علما بأن كل الأموال التي أخذتها لشراء أشياء غير ضرورية فمثلا لشراء سيارة جديدة موديل 2007 كبيرة وحين يقول لها زوجي مش لازم الكبيرة هاتى الموديل الصغير ترد بأنها لا تركب السيارات التي يركبها عامة الشعب
هذا علاوة على أنها أخذت رقم حسابه في البنك لتسحب كل شهر مبلغا لشراء مستلزماتها من اكسسوارات فضة وملابس من أغلى المحلات في العاصمة لأنها لا ترتدي من محلات المحافظة التي تعيش فيها لأن الأذواق فيها سيئة في نظرها وإذا سألها زوجي ماذا أخذت من الحساب ثارت عليه قائله إنها لن تسرقه وكيف له الابن أن يحاسبها هي الأم وتخاصمه يومين أو ثلاثة لأنه الابن العاق ثم تقول له إنها سوف تسجل له كل الحسابات ليطلع عليها حين يعود في إجازة وعندما نعود ترفض وتقول إنها الأم فيحرج زوجي أن يلح عليها كما يقول هو ثم تأتى وتقول لي إنها حاولت أن تراجع معه أموالنا الخاصة إلا أنه رفض بإصرار والله والله إني لكنت أتمنى دوما أن أتزوج شخصا بارا بوالديه وخصوصا أمه وفي السنوات الأولى من الزواج قبل الغربة كنت أنا أحثه على برهم حتى إن والدته قالت عنى إني علمته عادات سليمة للتعامل معهم لم تعلمها هي له بعد السفر إلى الخارج بدأت أشعر أنها تستكثر علينا ما نحن فيه مع أنها اغتربت هى من قبل وتعلم ما تعنيه الغربة من ضغوط خصوصا على المرأة إلا أن رأيها الآن قد تغير في فأنا المرأة التي اختطفت ابنها وطارت به إلى مكان عملها وأنا المجرمة التي تفرض سيطرتها على الزوج الطيب والذي ابتلاه الله ببلاء الزوجة التي تفرق بينه وبين أهله مع أن هذا لا يحدث والله فقد أجور على حقي وحق أهلي في أن نجلس سويا بعد عام من الفراق من أجل أن نجلس معها أنا وأبنائي حتى إنها رددت لي في آخر إجازة أنها تكرهني أكثر من مرة وعندما رجعنا من الإجازة إلى مقر العمل اعتذرت لزوجي أنها أفسدت عليه وعلى أولاده الإجازة ولم تقل لي أي كلمة رغم أنها أفسدت على أيضا أحلى أيام أنتظرها من كل عام
ورغم أني أعترض في كل مرة على إعطائها المال إلا أن زوجي يصر ويعطيها ما طلبت قائلا لي إنها أمه ولن يستطيع أن يغيرها
آخر موقف وجدت زوجي يسحب من حسابي ويرسل لها لأنه الآن لا يعمل وليس في حسابه المبلغ الذى طلبته
والله إني أعانى معاناة شديدة ما بين العمل هنا والبيت وهو لا يساعدني مطلقا في أعمال المنزل ويقول لى إنه واجب كل امرأة وإذا ذكرته أنى أعمل وكل عائد عملي للبيت وفي يده يقول لي إنى أنا التي اختارت ذلك
أنا أعمل هنا من أجل أن أعود لبلدي بعد فترة لأجد عيشة هنيئة لي ولأولادي ولكي أوفر ما يكفينا إذا تعرضنا لأي أحداث غير سارة في المستقبل وأجن حين أرى هذه الأموال التي لم أتمتع أنا صاحبتها بها حتى الآن يتمتع بها غيري في ركوب سيارات حديثه وملابس واكسسوارات لا أرتديها أنا وأنا مازلت في مرحلة الشباب لغلو ثمنها
أنا لا أطلب منك حلا لأنها لن تتغير كما قال زوجي ولكن أريد منك رأى الدين في ذلك وكلمات غير مختصرة تهدئ من انفعالي

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا ريب أن بر الوالدين من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه جل وعلا، وذلك لأن رضاه سبحانه في رضاهما وسخطه في سخطهما، ففي الترمذي من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الله في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. وفي الترمذي أيضا عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.

فينبغي لك أن تكوني سعيدة ببر زوجك لأمه، وطاعته لها، لأن في ذلك رضى الله عز وجل عنه وعنك إذا أعنتيه على ذلك.

أما بخصوص ما تطلب منه والدته من مال فإن كانت في حاجة إليه للنفقة أو نحوها من الأمور الضرورية فيجب عليه إعطاؤه ما يكفيها لسد تلك الحاجة، لأن نفقتها تجب عليه في هذه الحالة، هذا إذا كان لديه مال، أما إذا لم يكن لديه فلا تكلف نفس إلا وسعها.

وأما إن كانت أمه غير محتاجة إلى النفقة ولديها من المال ما يكفيها فلا يجب عليه إعطاؤها ما تطلب من المال، لاسيما إذا كانت تنفقه على وجه السرف والسفه كما ذكرت، قال الشوكاني رحمه الله: فيدل على أن الرجل مشارك لولده في ماله، فيجوز له الأكل منه، سواء أذن الولد أو لم يأذن، ويجوز له أيضاً أن يتصرف به كما يتصرف بماله، ما دام محتاجاً، ولم يكن ذلك على وجه السرف والسفه. انتهى.

وقال ابن الجزري في النهاية في غريب الحديث: أنت ومالك لأبيك على معنى أنه إذا احتاج إلى مالك أخذ منك قدر الحاجة،.. فأما أن يكون أراد به إباحة ماله حتى يجتاحه ويأتي عليه سرفاً وتبذيراً، فلا أعلم أحداً ذهب إليه." اهـ

ولا يجوز لزوجك بحال أن يأخذ من مالك لنفسه أو لغيره إلا بإذنك ورضاك، وذلك لعموم قوله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ. البقرة:188 ، وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه. أخرجه الدارقطني. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 4556.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني