الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من كانت تخرج منه قطرات من البول بعد انتهاء قضاء حاجته ينظر فيه، فإن كانت القطرات تخرج قليلاً ثم تنتهي تعين عليه الاستبراء والانتظار حتى ينتهي خروجها، وعليه أن يستخدم الوسائل المساعدة على إخراج ما يمكن خروجه بعد سلت الذكر وتنره نترا خفيفاً فيتحرك ويقوم ويقعد أو يتنحنح أو يمشي قليلاً حسب الحاجة، كما صرح به كثير من فقهاء الشافعية وبعض المالكية والحنابلة.
كما نقله الحطاب والمواق والنووي والمرداوي وغيرهم، وأما من كان لا يحتاج للقيام والقعود فيكره منه فعل ذلك فقد نقل ابن القاسم عن مالك رحمهما الله تعالى أن فعل ذلك ليس بصواب، وقال شيخ الإسلام إنه بدعة، ثم إنه يندب له بعد الاستنجاء أن يرش فرجه وسراويله بالماء ليطرد عنه الوسواس؛ لما في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم: بال ثم توضأ ونضح فرجه. رواه أحمد والنسائي وأبو داود وصححه الألباني.
وأما من كان يتواصل خروج البول منه أغلب الأوقات فإنه يعتبر مصاباً بالسلس، ويجب عليه عند الجمهور أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، ويصلي ويتحفظ من النجاسة بوضع خرقة أو منديل يربطه على العضو لئلا تتنجس ثيابه وفخذاه، فإذا أراد الدخول في الصلاة بدل تلك الخرقة بغيرها، ويعفى عنه فيما يصيبه أثناء الصلاة كما صرح به خليل في المختصر وشراحه.
وأما ترك الصلاة فإنه جرم عظيم، لأن الصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد شهادة التوحيد، وهي أول ما يسأل عنه من عمل العبد يوم القيامة، فإن صحت صح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله، كما في حديث الترمذي، فلا يعقل أن يتركها المسلم العاقل في أي ظرف من الظروف فهي واجبة، حتى المريض الذي لا يستطيع الحركة فيصليها جالساً أو مضطجعاً أو مشيرا بالأصابع أو العين حسبما يتيسر له. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20810، 28280، 51173، 55332، 71194، 62008، 76270.
والله أعلم.