الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فسبب ما يحصل من أبيكم هو الغضب وشدة الانفعال، وهنا نستحضر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لذلك الرجل الذي جاءه يطوي الفيافي والقفار يريد وصية ونصيحة منه يسترشد بها في أمر دينه ودنياه، وتكون نبراسا له في حياته، فقال: أوصني قال: لا تغضب. فردد مرارا قال لا تغضب. رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وروى الطبراني من حديث سفيان عن عبد الله الثقفي: قلت يا رسول الله: قل لي قولا أنتفع به وأقلل، قال: لا تغضب ولك الجنة. قال ابن التين: جمع صلى الله عليه وسلم في قول لا تغضب خير الدنيا والآخرة،لأن الغضب يؤول إلى التقاطع ومنع الرفق. بل ربما يصل بالمرء إلى فراق أهله وتدنيس عرضه والارتداد عن دينه والعياذ بالله.
والغضب منه ما يصل بالمرء إلى فقدان الإدراك والوعي فيتلفظ ويفعل ما لا يعي ولا يدرك، وهذا لا مؤاخذة عليه في ذلك لفقده لمناط التكليف وهو العقل، وإذا كان والدكم يصل به الغضب إلى تلك الدرجة فلا مؤاخذة عليه فيما ذكرت عنه من سب الدين لأنه في حكم المغمى عليه والمجنون وإلا فهو مؤاخذ بما يصدر عنه من ذلك كطلاق زوجته وسبه للذات الإلهية عياذا بالله وذلك ردة وكفر.
وما دام أمره كما ذكرت فلعل ما يصيبه هو من النوع الأول الذي يفقد عقله وقت الغضب ونرجو ألا يؤاخذ بما كان منه ويجب عليه أن يبتعد عن أسباب الغضب وما يهيجه قدر المستطاع، وعليكم أنتم كذلك أن تجتنبوا ما يؤدي به إلى ذلك، وإن أصابه فليسلك الأسباب الشرعية لمعالجته، وقد بينا ذلك مفصلا في الفتوى رقم: 17652، 58964، 10062.
وأما تأخر زواجكن وعدم رجوع بعض الخطاب فلا ندري ما هو سببه وما هي عاقبته، ولكننا نرجو أن يكون الله قد ادخر لكن ما هو أفضل، ويكون ذلك خيرا لكن، قال الله تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216}. وانظري الفتوى رقم: 54211 .
والله أعلم.