الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كنت قد عقدت هذا العقد بسبب خوفك على ابنتك أن يصيبها هذا الشاب بضرر لا تقدر على منعه ويغلب على ظنك أنه قادر على تنفيذه، فهذا إكراه معتبر يجعل العقد منحلاً لا يترتب عليه أثر من آثاره، أما إذا كنت قادراً على إرجاع ابنتك دون لحوق ضرر بها، عن طريق السلطة أو غيرها وإنما عقدت عليها تحت ضغط أدبي خوفاً من كلام الناس، فالذي يظهر -والله أعلم- أن هذا لا يعتبر إكراهاً، والعقد صحيح ولا يمنع صحة العقد كون الشهود لم يروا ابنتك، فإن الشهادة في النكاح تكون على الإيجاب والقبول.
جاء في حاشية البجيرمي على الخطيب: ولا يشترط معرفة الشهود للزوجة ولا أن المنكوحة بنت فلان، بل الواجب عليهم الحضور، وتحمل الشهادة على صورة العقد حتى إذا دعوا لأداء الشهادة لم يحل لهم أن يشهدوا أن المنكوحة بنت فلان بل يشهدون على جريان العقد كما قاله القاضي حسين، كذا بخط شيخنا الزيادي شوبري، وهو تابع لابن حجر.
وقال محمد شمس الدين الرملي: لا بد من معرفة الشهود اسمها ونسبها أو يشهدان على صورتها برؤية وجهها بأن تكشف لهم النقاب، وقال عميرة: واعلم أنه يشترط في انعقاد النكاح على المرأة المنتقبة أن يراها الشاهدان قبل العقد، فلو عقد عليها وهي منتقبة ولم يعرفها الشاهدان لم يصح، لأن استماع الشاهد العقد كاستماع الحاكم الشهادة، قال الزركشي: محله إذ كانت مجهولة النسب وإلا فيصح. وانظر الفتوى رقم: 47054. وفي هذه الحال إما أن يطلقها هذا الشاب أو تختلع منه ما دامت كارهة له، وللفائدة في حد الإكراه المعتبر راجع الفتوى رقم: 6106، والفتوى رقم: 42393.
والله أعلم.