الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب أولا قبل قسمة التركة بين مستحقيها أن يقوموا بإخراج الزكاة التي وجبت في مال الميت ولم يخرجها لأنها دين مقدم على حق الورثة في المال, قال صاحب الروض: ويخرج وصي فوارث فحاكم الواجب كله من دين وحج وغيره كزكاة, ونذر, وكفارة من كل ماله بعد موته, وإن لم يوص به، لقوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:11}. اهـ.
وبعد إخراج الزكاة يقسمون ما بقي بينهم القسمة الشرعية, وإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر, فإن لزوجته الثمن ـ فرضا ـ لوجود الفرع الوارث, قال تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:12}.
والباقي للابن والبنات ـ تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين ـ لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء:11}.
فتقسم التركة على ثمانية وأربعين سهما, للزوجة ثمنها ـ ستة أسهم ـ وللابن أربعة عشر سهما, ولكل بنت سبعة أسهم, ولا يجوز للزوجة ولا للابن أن يخصم من التركة نفقة زواجه قبل أن تقسم التركة، لأن هذا تعد على حق بقية الورثة في التركة, ولو فرض أن أباه أوصى بتزويجه من التركة فإن ذلك لا ينفذ إلا برضا الورثة, وراجعي الفتوى رقم: 124867
وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 117243
وكذا لا يجوز أن يخصم الابن نفقة حج والده إذا كان قد تبرع بها, وما دام هو الذي عرض على والده أن يحج به على نفقته فهو متبرع بذلك, فعليه أن يتقي الله تعالى وأن لا يحتال على إخوانه فيأخذ أكثر من حقه وينقص حق أخواته في الميراث, وانظري الفتوى رقم: 110234عن تحريم التحايل لحرمان الإخوة من نصيبهم من الميراث.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق ، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي ـ إذاً ـ قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية ـ إذا كانت موجودة ـ تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.