الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك قد علق طلاقك على شرائك الأرض، فإنّ الطلاق يقع عليك إذا خالفت زوجك واشتريت الأرض، لكن إذا اشتريت الأرض بقصد إيقاع الطلاق، فقد اختلف العلماء في وقوع الطلاق بذلك، فالجمهور على وقوعه، وذهب بعض المحققين إلى عدم الوقوع.
قال الدسوقي : .. ( وَلَوْ عَلَّقَهُ على فِعْلِهَا .. ) كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَدَخَلَتْهَا قَاصِدَةً حِنْثَهُ فَتَحْرُمُ عليه عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ مُعَامَلَةً لها بِنَقِيضِ قَصْدِهَا. حاشية الدسوقي.
وقال ابن القيم: المخرج السابع أخذه بقول أشهب من أصحاب مالك بل هو أفقههم على الإطلاق، فإنه قال: إذا قال الرجل لامرأته إن كلمت زيدا أو خرجت من بيتي بغير إذني ونحو ذلك مما يكون من فعلها فأنت طالق، وكلمت زيدا أو خرجت من بيته تقصد أن يقع عليها الطلاق لم تطلق. حكاه أبو الوليد ابن رشد في كتاب الطلاق من كتاب المقدمات له، وهذا القول هو الفقه بعينه ولا سيما على أصول مالك وأحمد في مقابلة العبد بنقيض قصده. إعلام الموقعين.
وعلى القول بوقوع الطلاق ينبغي أن تنتبهي لبعض الأمور : -
الأول : أن مجرد تكرار زوجك تعليق الطلاق على شرائك الأرض لا يترتب عليه وقوع أكثر من طلقة، إلا إذا كان الزوج يقصد إنشاء طلقات أخرى.
جاء في حواشي تحفة المحتاج في شرح المنهاج: وَإِنْ كَرَّرَ فِي مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ غَيْرِهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَتَعَدَّدْ إلَّا إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ.
الثاني : إذا وقعت عليك طلقة أو طلقتان فمن حق زوجك أن يرجعك إلى عصمته دون رضاك أو علمك، وانظري الفتوى رقم: 106067
الثالث : عند التنازع في وقوع الطلاق -ولا بينة- فالقول قول الزوج، وانظري الفتوى رقم : 35044
الرابع : المسائل التي تشتمل على منازعات ومناكرات مردها إلى المحكمة الشرعية للفصل فيها .
والذي ننصح به أن يتدخل بعض العقلاء من الأهل أو غيرهم من أهل الدين والمروءة ليصلحوا بينك وبين زوجك فإنّ الطلاق ينبغي ألا يصار إليه إلا بعد تعذر جميع وسائل الإصلاح، وإذا أمكن للزوجين الاجتماع والمعاشرة بالمعروف ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات والتنازل عن بعض الحقوق كان ذلك أولى من الفراق.
والله أعلم.