الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن علم تعبير الرؤى لا ينبغي أن يتصدى له إلا من كان ذا معرفة ودراية، لأنه من قبيل الفتوى.
قال الشيخ ابن سعدي -رحمه الله-: علم التعبير داخل في الفتوى، فلا يحل لأحد أن يجزم بالتعبير قبل أن يعرف ذلك، كما ليس له أن يفتي في الأحكام بغير علم. انتهى. وراجعي الفتوى: 175199، لمزيد الفائدة.
فإذا كنت على علم بما تقولين، فلا حرج عليك في الاشتغال بتعبير الرؤى، والعمل بالموقع المذكور مع الالتزام بالضوابط الشرعية في التعامل مع الرجال.
جاء في كتاب مجمع الأنهر وهو في الفقه الحنفي في معرض كلامه عن أخذ الأجرة على الطاعات قوله: بخلاف بناء المساجد وأداء الزكاة، وكتابة المصحف والفقه، وتعليم الكتابة، والنجوم والطب والتعبير والعلوم الأدبية، فإن أخذ الأجرة في الجميع جائز بالاتفاق. اهـ. وراجعي الفتوى: 110061.
وإن أردت ترك هذا العمل فلا حرج عليك؛ لأن تعبير الرؤى ليس واجبًا. ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يحدث أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الليلة في المنام ظلة تنطف السمن والعسل، فأرى الناس يتكففون منها، فالمستكثر منهم والمستقل، وإذا سبب واصل من الأرض إلى السماء، فأراك أخذت به فعلوت، ثم أخذ به رجل آخر فعلا به، ثم أخذه رجل آخر فعلا به، ثم أخذه رجل آخر فانقطع به، ثم وصل، فقال أبو بكر: يا رسول الله بأبي أنت والله لتدعني فأعبرها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " اعبر" قال: أما الظلة فالإسلام، أما الذي تنطف من العسل والسمن فالقرآن حلاوته تنطف، فالمستكثر من القرآن والمستقل، وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض فالحق الذي أنت عليه تأخذ به فيعليك الله، ثم يأخذ به رجل من بعدك فيعلو به، ثم يأخذ رجل آخر فيعلو به، ثم يأخذ رجل آخر فينقطع به ثم يوصل له فيعلو به، فأخبرني يا رسول الله بأبي أنت وأمي أصبت أم أخطأت؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أصبت بعضاً، وأخطأت بعضاً" قال: فوالله يا رسول الله لتحدثني بالذي أخطأت، قال: " فلا تقسم". فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يصحح لأبي بكر ولم يبين التعبير الصحيح للرؤيا.
وقد يكون ترك هذا العمل أقرب إلى الورع، ويتأكد ذلك إذا خشيت أن يؤدي إلى فتنة أو فساد.
والله أعلم.