الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في كون الرجل إذا كان من أهل الجنة وكانت زوجاته في الدنيا من المؤمنات، فإنهن يكن معه في الجنة، فهذا قد نص عليه القرآن، قال تعالى: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ {الرعد: 23}.
ومن دعوات حملة العرش ومن حوله من الملائكة لمؤمني البشر: رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ {غافر: 8}.
وأما حديث: ولكل واحد منهم زوجتان ـ فهذا لا ينفي الزيادة، وإنما ينص على أقل ما يمكن أن يكون للرجل من أهل الجنة، فيكون معه زوجاته الصالحات من أهل الدنيا، وما أعطاه الله من الحور العين، وزوجتان أيضا على ظاهر الحديث، وهذا للزمرة الأولى التي تدخل الجنة، قال العراقي في طرح التثريب: تبين ببقية الروايات أن الزوجتين أقل ما يكون لساكن الجنة من نساء الدنيا، وأن أقل ما يكون له من الحور العين سبعون زوجة. اهـ.
وقال ابن حجر في فتح الباري: والذي يظهر أن المراد أن أقل ما لكل واحد منهم زوجتان. اهـ.
وقال القسطلاني في إرشاد الساري: ولكل واحد منهم زوجتان ـ من نساء الدنيا، والتثنية بالنظر إلى أن أقل ما لكل واحد منهم زوجتان. اهـ.
وقال ابن القيم في حادي الأرواح: ولا ريب أن للمؤمن في الجنة أكثر من اثنتين، لما في الصحيحين من حديث أبي عمران الجوني عن أبي بكر عن عبد الله بن قيس عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للعبد المؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤ مجوفة طولها ستون ميلا، للعبد المؤمن فيها أهلون فيطوف عليهم، لا يرى بعضهم بعضا. اهـ.
وهنا أوجه أخرى للجمع بين الروايات في ذلك، وقد سبق لنا ذكر بعضها وخلاف أهل العلم فيها، فراجعي في ذلك الفتويين رقم: 71591، ورقم: 55986.
والله أعلم.