الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبيع الكتب نفسه لا حرج فيه، ولو كانت من كتب العلوم الشرعية، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 50824.
وأما البيع لخصوص الغرض المذكور -وهو فرمها لإعادة تدويرها- فيعتمد على حكم فرمها، وإعادة تدويرها!
فأما الفرم في ذاته، فيعتبر أحد الوسائل العملية المباحة للتعامل مع الأوراق المحترمة، إذا كان دقيقًا بحيث لا يبقي صور الكلمات المحترمة شرعًا، قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: التمزيق لا بد أن يأتي على جميع الكلمات والحروف، وهذه صعبة، إلا أن توجد آلة تمزق تمزيقًا دقيقًا جدًّا، بحيث لا تبقى صورة الحرف، فتكون هذه طريقة ثالثة -يعني من الحرق، والدفن - وهي جائزة. اهـ. وانظر الفتوى رقم: 660.
وإذا تمت عملية الفرم بهذه الطريقة، فهل يجوز إعادة تدوير الناتج المفروم؟! وهذا في الحقيقة محل إشكال، وموضع بحث ونظر!
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن حكم إعادة تدوير الورق الذي يحتوي على آيات وأحاديث، ومما جاء في السؤال: ما هو مصرف هذه الأوراق والكتب المعززة؟ هل يجوز للمسلمين أن يضعوها في الماكينة بالمصنع، مع كمال الاحترام، والماكينة تغير هيئتها بالأدوية، وتصير مثل القطن، وبعده تصنع منها أوراقا جديدة؟
فأجابت اللجنة: أولًا: يجب صيانة الأوراق المكتوب بها القرآن العظيم؛ لأنه كلام رب العالمين، فيحرم امتهانها، أو تعريضها للإهانة...
وسبق أن عرض موضوع استعمال الأوراق التي فيها شيء من القرآن على مجلس هيئة كبار العلماء في دورته السادسة والعشرين، وصدر منه قرار بالإجماع يمنع ما ذكره السائل، وهذا نص ما قال، مجيبًا لمعالي وزير الحج والأوقاف في المملكة العربية السعودية:
(1) ما عملتم به بشأن الأوراق التجريبية من طحنها، ثم حرقها، ثم دفنها في مكان طاهر - عمل جيد، وموافق لما ذكره أهل العلم؛ اقتداء بالخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه-.
(2) يرى المجلس عدم الموافقة على طلب مصنع الغدير؛ لما يترتب على ذلك من الإهانة والابتذال؛ لما في الأوراق من كلام الله عز وجل.
رابعًا: أما كتب الحديث الشريف، والأجزاء التي فيها شيء من كلام الله، أو كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، فالواجب أيضًا صيانتها وعدم إهانتها؛ وذلك بإحراقها، أو دفنها بأرض طيبة، بعيدة عن متناول الصبيان. اهـ.
وقد سبق لنا التنبيه على أن وضع الكتب والدفاتر التي تحتوي على آيات قرآنية في صناديق إعادة تصنيع الورق، يتنافى ظاهره مع التعظيم المطلوب؛ وراجع الفتوى رقم: 57537.
ولذلك، فإننا ننصح السائل بألا يبيع الكتب المحتوية على الآيات القرآنية؛ لمن يعلم أنه يعيد تدويرها، إلا إذا أزال منها الآيات القرآنية قبل ذلك.
والله أعلم.