الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمثل هذا السؤال لا يحسن الجواب عليه إلا جوابًا مجملًا، فنقول:
أولًا: من كان له حق في استخراج وثيقة ما، ومنع منها ظلمًا، فله أن يسعى في الحصول عليها، ولو أدى ذلك إلى دفع مال للمسؤول عن ذلك، ولا يعد هذا من الرشوة المحرمة في حق المظلوم الممنوع، وإنما الإثم على المانع الآخذ، وانظر في هذا الفتاوى التالية أرقامها: 130102 - 181717 - 301195.
ثانيًا: ما يعطى للساعي بوجاهته عند المسؤولين، ومعرفته لهم لمن منع حقًّا من حقوقه ظلمًا، يدخل فيما يعرف عند العلماء بثمن الجاه، وهو محل خلاف بين العلماء، والذي نرجحه أنه لا تجوز المعاوضة على بذل الجاه، ما لم يستلزم مسعاه جهدًا ومشقة، فيعطى الساعي أجرة مثله مقابل نفقاته وأتعابه، لا مقابل بذل جاهه وشفاعته، كما بيناه في الفتاوى التالية أرقامها: 167961 - 183163 - 378472.
ثالثًا: أخذ الوسيط بين الساعي والمسعي له لعمولة من الساعي في استخراج الوثيقة: هو فرع عن حكم استخراج الوثيقة، والسعي فيه، فإن كان استخراج الوثيقة محرمًا، أو اشتمل السعي فيه على محرم -كمعاوضة على بذل الجاه- فإن العمولة محرمة أيضًا، لأنها فيها إعانة على المحرم، والسعي فيه، ومن هنا كان الساعي بين الراشي والمرتشي، قد شمله الوعيد الوارد في الرشوة، فقد أخرج أحمد عن ثوبان قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي، والمرتشي، والرائش. يعني: الذي يمشي بينهما. وصححه الحاكم، وضعفه الألباني.
وأما إن كان استخراج الوثيقة مباحًا، والسعي فيه خاليًا من المحرمات: فلا يظهر مانع من أخذ الوسيط بين الساعي والمسعي له للعمولة، إذ هي مقابل الدلالة، وليست مقابل الجاه والشفاعة، فلا تدخل في النهي عن أخذ الهدية على الشفاعة.
وانظر الفتوى: 18275.
والله أعلم.