الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فتحريم المعازف وآلات اللهو سوى ما استثني، وهو الدف في الأعراس ونحوها هو قول عامة أهل العلم، وهو معتمد المذاهب الأربعة المتبوعة، والخلاف في هذه المسألة ضعيف فيما نرى، ولتنظر الفتوى رقم: 171469، وسواء كانت هذه المعازف في التلفاز أو الجوال أو غير ذلك، فاجتنابها واجب على المسلم، وإنما يعفى عنه فيما سمعه لا بقصد الاستماع؛ كأن كان مارا في طريق به صوت معازف ونحو ذلك، ولم يقصد الاستماع، فهذا لا يأثم بذلك، وتنظر الفتوى رقم: 142457. وفي هذا الذي قررناه رفع للحرج عن المكلفين، والحمد لله.
وأما الزعم بأن تحريم المعازف مناف ليسر الشريعة فغلط، فإن الذي أعلمنا أن الدين يسر هو الذي نطق بتحريم المعازف فيما صح عنه من أخبار، وليس لأحد أن يستبيح ما حرم الله بمثل هذه العمومات، وإلا لسهل على كل مريد استباحة شيء أن يتعلل بكون تحريمه منافيا ليسر الشريعة، والله تعالى هو أعلم بالعباد ومصالحهم من أنفسهم، والتكاليف مبنية على نوع من المشقة لا بد من احتمالها ما دامت داخلة في طاقة المكلف، والله تعالى إنما حرم المعازف لما تشتمل عليه من المفاسد بالقلب؛ كما ذكرنا طرفا من ذلك في الفتوى رقم: 344389، ورقم: 281344.
فعلى المسلم إذا تبين له حكم الشرع ألا يعارضه بالرأي المجرد، بل عليه أن ينقاد ويستسلم.
وأما الاستماع إلى زفات الأعراس ونحوها، فإن كانت بالدفوف فقط، فالاستماع إليها جائز، وهذا من توسيع الإسلام على المكلفين، وأما ما زاد على الدف فهو محرم؛ كما بينا.
وأما قولك: إن الجميع يصفون من يحرم الموسيقى بالمتشددين. فهذه جناية في حق عامة أهل العلم القائلين بتحريم المعازف. وأما نحن فطريقتنا هي الفتوى بما ترجح دليله ووضح برهانه بغض النظر عن رأي المستفتي وكونه يعد هذا تشددا أو تساهلا، والله يهدينا وسائر إخواننا لما فيه رضاه.
والله أعلم.